والافتراء على الله ، سببا في كفرهم ، وفي اتخاذهم آلهة يعبدونها من دون الله ..
ولكن نظم القرآن وإعجازه ، هو وحده الذي يستولى على الحقيقة كاملة ، حيث ينفذ إلى الصدور ، وينكشف ما تجنّ من خلجات وخطرات ..
فهؤلاء الذين التقوا بكلمات الله ، وقالوا فيها هذا القول المنكر ، إنما التقوا بها ، وقد فسدت فطرتهم ، بما دخل على قلوبهم من مرض ، وما غطّى على عيونهم من موروثات الضلال .. ولو أنهم التقوا بآيات الله من غير أن يكون معهم هذا الداء الذي تمكن منهم ، وأفسد عليهم فطرتهم ـ لكان لهم فى آيات الله قول غير هذا القول ، ولرأوا في سناها الوضيء وجه الحق ، فاهتدوا إلى الله ، وآمنوا به ، وبرسوله ، وبكلماته ..!
وكيف يرجى من عقول تملى لأصحابها أن ينحتوا بأيديهم صورا من أحجار ثم يخرون بين يدى هذه الأحجار عابدين ، يرجون منها ما لا يرجونه من أنفسهم ، ويحملون عليها من آلامهم ، وآمالهم ما لا يحتملون هم ، أفرادا ، أو جماعات ـ كيف يرجى من هذه العقول أن تعقل آيات الله ، وما تحمل فى كيانها من أنوار الحق ، والخير ، والإحسان؟ ذلك ما لا يكون!.
وإذن ، فهذا القول الذي يقوله هؤلاء الكافرون في آيات الله .. هو من منطق هذه العقول التي تتعامل مع الدّمى ، وتقف بين يديها هذا الموقف الذليل المستكين ..
قوله تعالى :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ ، وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ..).
والإفك : هو الزّور والبهتان ..
والافتراء خلق الأكاذيب ، ونسبتها إلى الغير ..