إنه من «أساطير الأولين» .. فأنّى لمحمد بأساطير الأولين ، وهو الأميّ؟ فكان قولهم : «اكتتبها» دفعا لهذا الاعتراض ... أي أنه وإن كان أمّيّا ، فإنه استعان بمن يكتبها له!!
وفي قولهم : (فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) دفع لاعتراض آخر .. وهو : إذا كان محمد قد استكتب هذه الأساطير ، واستعان بمن يكتبها له ـ فما فائدة هذه الكتابة ، وهو لا يقرأ ما كتب له؟ ثم هو إنما يتحدث بهذا الكلام مشافهة بلسانه ، لا يقرؤه من كتاب ، ولا يقرؤه له أحد عليهم .. فكيف هذا؟ .. وجوابهم ـ كما قدروه ـ : أن هذا الذي استكتبه ، يتلى عليه بكرة وأصيلا ، تلاوة دائمة ، حتى يحفظه ، ثم يحفظه ، ثم يخرج على الناس به!
وهكذا يركبون بجهلهم ، وسفههم ، هذا المركب الوعر ، والطريق أمامهم مستقيم قاصد .. فماذا عليهم لو أخذوا بما تحدّثهم به أنفسهم ، وقالوا إنّ هذا الكلام من عند الله؟.
إنهم لو قالوا هذا .. لكان لهم في هذا القول ما لمحمد نفسه .. إنه ليس لمحمد فيه إلّا ما هو لهم ، وإنه إذا كان له من فضل عليهم ، فهو فضل الدّليل على الراكب الضّالّ ، وفضل الطبيب على الأعمى ، يعيد إليه بصره ، فيرى النور ، الذي هو من نعمة الله ، على عباد الله ، وليس للطبيب ولا لغيره فضل على أحد فيه! أفيكرهون أن يقوم من بينهم طبيب ، يجلى عمى أبصارهم ، ويزيح ضلال عقولهم ، فيروا آيات الله بعيون مبصرة ، وعقول سليمة مدركة؟ إنه العناد ، والكبر .. عناد الأطفال ، وكبر السفهاء والحمقى .. يموت أحدهم غرقا ولا يمدّ يده إلى حبل النجاة الممدود له من يد كريمة رحيمة ، حتى لا يقال إن فلانا قد أخذ بيده ، ونجّاه من مهلكه!!