قوله تعالى :
(قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ .. إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً).
هذا هو القول ، الذي يلقى به رسول الله ، قول هؤلاء الضالين عن كلام الله ، بأنه إفك افتراه محمد ، وأعانه عليه قوم آخرون ، وأنه أساطير الأولين اكتتبها ، فهى تملى عليه بكرة وأصيلا ..
فهذا الذي بين يدى محمد ، وعلى لسانه ، وفي قلبه ـ هو كلام ربّ العالمين. أنزله عليه ، هدى ورحمة للعالمين ..
وفي وصف الله سبحانه وتعالى بتلك الصفة هنا ، وهو أنه يعلم السرّ فى السموات والأرض ـ إشارة إلى ما لله سبحانه وتعالى من علم ، فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء .. وأن ما عند الأولين من علم ، وما خلفوا من آثار ، باقية ، أو مطموسة ، هى في علم الله ، وأنه إذا كان فيما نزل على محمد أخبار من حياة الأولين ، ومن أحداثهم ـ فذلك في علم الله ، ومن علم الله .. وإنه ليس بمحمد حاجة ـ وهو يتلقى آيات ربه ـ أن يستكتب أساطير الأولين ، وأن يحفظها ، ثم يحدث بها .. إنه يستقى من مصدر العلم ، ومن ينابيعه الصافية ، فما حاجته إلى أن يمدّ بصره إلى سراب خادع ، أو بئر مطموسة؟.
وفي قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) ـ إشارة إلى أن الله سبحانه ، مع علمه بخفايا الناس ، وبما يرتكبون من منكرات يخشون أن يطلع عليها من يفضحهم ، ويكشف المستور من أمرهم ـ فإنه سبحانه وتعالى ، «غفور» لأصحاب المنكرات ، ولا يعجّل لهم العقاب ، ولا يفضح المستور منهم ، حتى