قوله تعالى :
(وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ).
الإشارة هنا إلى القرآن الكريم .. والإشارة إليه بهذا ، الذي يدل على قرب المشار إليه ، إشارة إلى قربه من الأفهام ، ويسر تناوله ، ولانتفاع به ، والاهتداء بهديه ..
والضمير فى قوله تعالى : (أَفَأَنْتُمْ) قد يكون خطابا للمشركين ، وفيه تهديد لهم ، وتعريض باليهود ..
أي أفأنتم منكرون لهذا الذكر ، غير آخذين بهديه ، كما هو الشأن عند اليهود مع كتابهم؟
وقد يكون الخطاب لليهود ، والمعنى أفأنتم منكرون لهذا الكتاب ، كما ينكره هؤلاء المشركون ، وقد عرفتم وجهه بما عندكم من كتاب الله الذي فى أيديكم؟ ..
قوله تعالى :
(وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ) ..
ومناسبة ذكر إبراهيم هنا ، لأنه صاحب دعوة ورسالة كموسى ، وهرون ، ومحمد ، ولأنه أبو هؤلاء الأنبياء .. ومن جهة أخرى ، فإن موقف إبراهيم من قومه ، هو نفس الموقف الذي يقفه محمد من قومه ، وما يعبدون من أصنام.
وإتيان الله سبحانه وتعالى إبراهيم رشده ، أي منحه الإدراك السليم ، والقلب النقىّ ، الذي يأبى بطبيعته قبول الرجس والخبث.