وهنا سؤال :
كيف تكون هذه الدروع نعمة من نعم الله ، تستوجب الحمد والشكر ، وهى أداة من أدوات الحرب ، وعدّة من عدده؟ ثم هى من جهة أخرى ، قد تكون قوة من قوى البغي والعدوان ، يفيد منها أهل البغي والعدوان أكثر مما يفيد منها أهل الاستقامة ، والسلامة؟
والجواب على هذا ، من وجوه :
أولا : أن هذه الدروع فيها حصانة ، وصيانة لكثير من الدماء التي كان يمكن أن تراق ، وللأرواح التي كان يمكن أن تزهق فى القتال الذي يلتحم بين الناس .. فهى ـ كما ترى ـ عامل مخفف من ويلات الحرب ، ودافع لكثير من شرورها .. فلو قدّر أن يلتقى فى ميدان القتال أعداد من المتقاتلين بدروع وآخرون مثلهم بغير دروع ، لكان حصيد الحرب ، وحصيلتها من الدماء والأرواح فى الميدان الأول ، أقلّ بكثير جدا مما يقع فى الميدان الآخر ..
إذ كان الأولون يقاتلون وهم فى هذه الحصون من الدّروع ، على حين يقاتل الآخرون وهم فى معرض الهلاك مع كل طعنة أو ضربة! : : فهذه الدروع نعمة تستوجب الشكر من الناس جميعا ، أقويائهم وضعفائهم على السواء ..
ولا يدفع هذا ، بالقول بأن هذه الدروع فد تغرى الناس بعضهم ببعض ، وتدفع بهم إلى القتال ، إذ يجدون فى أيديهم ما يدفع عنهم خطر الحرب ، ويبعد من احتمال الموت فيها ..
فهذا القول ، وإن بدا فى ظاهره شيئا مقبولا ، إلا أنه فى حقيقته قائم على غير هذا الوجه ..
ذلك أن كل قوّة مستجلبة غير القوى الجسدية الإنسان ، هى متاحة للقوىّ والضعيف منهم ، وأن الضعيف ، يستطيع بهذه القوى المستجلبة أن يبطل