وَهُوَ الْفَصْلُ ، لَيْسَ بِالْهَزْلِ ، لَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ ، فَظَاهِرُهُ حِكْمَةٌ (١) وَبَاطِنُهُ عِلْمٌ ، ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ ، لَهُ تُخُومٌ وَعَلَى تُخُومِهِ تُخُومٌ (٢) لَا تُحْصَى عَجَائِبُهُ وَلَا تُبْلَى غَرَائِبُهُ ، فِيهِ مَصَابِيحُ الْهُدَى وَمَنَازِلُ (٣) الْحِكْمَةِ ـ وَدَلِيلٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ لِمَنْ عَرَفَهُ (٤).
٢ ـ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَفَعَهُ إِلَى الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا إِذَا كُنَّا عِنْدَكَ ـ سَمِعْنَا الَّذِي نَسُدُّ بِهِ (٥) دِينَنَا ، وَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ سَمِعْنَا أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً مَغْمُوسَةً ـ لَا نَدْرِي مَا هِيَ قَالَ : أَوَقَدْ فَعَلُوهَا قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ـ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ص يَقُولُ : أَتَانِي جَبْرَئِيلُ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِكَ فِتْنَةٌ : قُلْتُ : فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا فَقَالَ : كِتَابُ اللهِ فِيهِ بَيَانُ مَا قَبْلَكُمْ مِنْ خَبَرٍ ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ ، وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ ، مَنْ وَلَّاهُ مِنْ جَبَّارٍ فَعَمِلَ بِغَيْرِهِ قَصَمَهُ اللهُ (٦) وَمَنِ الْتَمَسَ الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللهُ ـ وَهُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ لَا تُزِيغُهُ (٧) الْأَهْوِيَةُ ، وَلَا تَلْبِسُهُ الْأَلْسِنَةُ وَلَا يَخْلُقُ عَلَى الرَّدِّ (٨) وَلَا يَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ـ وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ [هُوَ الَّذِي] لَمْ تُكِنَّهُ (٩) الْجِنُّ ـ إِذْ سَمِعَتْهُ أَنْ قَالُوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ ، وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِ (هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، هُوَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ الَّذِي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ـ وَلا مِنْ خَلْفِهِ
__________________
(١) وفي نسخة الصّافي «حكم».
(٢) الأنيق : الحسن المعجب والتّخوم جمع تخم بالفتح : منتهى الشّيء.
(٣) وفي نسختي البرهان والصّافي «منار» بدل «منازل».
(٤) البحار ج ١٩ : ٥. البرهان ج ١ : ٧. الصّافي ج ١ : ٩.
(٥) وفي البرهان وبعض نسخ الصّافي «نشد».
(٦) أيْ أهلكه.
(٧) وفي نسخة «لا تذيقه».
(٨) وفي بعض النّسخ «عن كثرة الرّدّ».
(٩) وفي بعض النّسخ «تلبث» وفي آخر «تناه».