مدَّعيات بعض علماء أهل السنة والمستشرقين (١) بأنّ أخبار مصحف الإمام عليّ هي من متفرّدات الشيعة الإمامية وقد جاءت متأخرة في كتبهم ، وليس له أثر في كتب أهل السنة ، وإن كان موجوداً عندهم فهو ضعيف سنداً عندهم وقد وردت في كتب أهل السنة الذين لهم ميول شيعية. في حين هذا الكلام غير صحيح ، لأنّ تلك الأخبار مرويّة في المصادر المعتبرة في القرون الأولى عن رجال عاشوا في قرون قبلها.
مع التنويه على أنّ الضعيف ـ في علم الدراية ـ هو غير الموضوع ، ومعناه : أنّه لا يمكن الاعتماد عليه بمفرده إلّا بضمّه إلى قرائن أخرى ، أي أنّه يطلب شاهداً ـ أو متابعاً ـ صحيحاً عليه ، وفيما نحن فيه يوجد أكثر من شاهد أو متابع صحيح على تلك الروايات المدعاة ضعفها من قبل علماء الجمهور ، بصرف النظر عن صحّة المبنى المقرر عندهم أو خطأه : «الضعيف يقوّي بعضه بعضا».
بعد هذا البيان نتساءل عن مصحف الإمام : ما هو منبعه ومن أين أُخذ؟ وهل هو صحف أم صار مصحفاً ، وإذا كان مجموعاً أين هو الآن؟ وهل يختلف مصحفه عن بقية مصاحف الصحابة في الترتيب والمحتوى أم لا؟
بل هل يصح ما يقال عن الشيعة بأن لهم مصحفاً آخر غير المصحف الرائج عند المسلمين؟
وماذا يعني ما قيل عن مصحف الإمام من أنّه دونّه طبق التنزيل : المكي ثم
__________________
(١) أمثال المستشرق الألماني تيودور نولدكه في كتابه : تاريخ القرآن ٢ : ٢٤٣.