كما إنّه أراد بعمله هذا أن يتعرّف الآخرون على أسماء من نزلت فيهم الآيات عند قراءتهم لها ، أي إنّه أراد أن يعرّفهم بأنّ هؤلاء مَن هم؟ وأين كانوا؟ وأين صاروا؟ وما هي الآيات والسور التي نزلت فيهم؟. لأنّه كان يعلم بان الآيات أين نزلت ، وفيمن نزلت إلّا أنّ الناس لم يعرفوا قدره ولم يقبلوا منه ذلك ، ولو عرفوا حقّه وقدره لكان عندهم علم كثير وأجوبة كثيرة لمسائلهم وحلول لمشاكلهم ، نعم لو قَبِل الصحابة ذلك المصحف لما وقعت هذه الاختلافات الفقهية التي نراها اليوم والانقسامات التي أدت إلى تفكيك الأمة وتجزئتها.
وقد جاء هذا المعنى في احتجاج الإمام علي عليهالسلام على الزنديق :
... وقد احضروا الكتاب كملاً مشتملاً على التأويل والتنزيل والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ ، لم يسقط منه حرف ألف ولا لام ، فلمّا وقفوا على ما بيّنه الله من أسماء أهل الحقّ والباطل ، وأنّ ذلك إن اُظْهِر نَقَض ما عهدوه ، قالوا : لاحاجة لنا فيه ، نحن مستغنون عنه بما عندنا. وكذلك قال : (فَنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا قبئس مايشترون) دفعهم الاضطرار بورود المسائل عليهم اما لايعلمون تأويله إلى جمعه وتأليفه ... (١).
__________________
(١) الاحتجاج ١ : ٣٨٣ ، بحار الأنوار٩٠ : ١٢٥.