وما سيجري عليه وعلى الأُمّة من بعده ، رافعاً بذلك الإجمال الموجود في بعض الأمور ، وأنّ ضرورة العمل الوقائعي آنذاك كانت تدعوه إلى أن يقدّم المنسوخ على الناسخ ، والمكّيَّ على المدني ، وجعل المحكم بجنب المتشابه ، لأنه كتب نسخته طبقاً لتسلسل الوقائع والأحداث التاريخية يوماً فيوماً ، وما سمع من رسول الله من تفسيره وتأويله.
نعم ، إنّ الإمام أكّد بأنّه جمع كلّ ما سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوآله في القرآن تنزيلاً وتأويلاً وقد جمع ذلك على نحوين آيات آيات ، ناسخه ومنسوخه تنزيله وتأويله آيات آيات (١) وسورة وسورة (٢) قائلاً : (جمعته بتنزيله وتأويله ، مُحكمه ومتشابهه) ، والجمع الأخير هو الذي عناه ابن سيرين في قوله : فطلبتُ ما أُلِّف فأعياني ، ولم أقدر عليه ، ولو أصبته كان فيه علم كثير (٣) ، ومحمّد بن جزي الكلبي في قوله : «لو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير» (٤).
أجل أنّه قدّم (المفسَّر) لهم ، ليعرّفهم تاريخهم ، ولكي يثبت لهم حقّه وحقّ عترته ، وليُطْلع المسلمين على الآيات النازلة فيه وفي أهل بيته ، ولكي يبيّن الحقائق الدينية على وجهها الحق للناس.
__________________
(١) كما في المصحف المفسر.
(٢) كما في قرآن التلاوة.
(٣) فضائل القرآن للمستغفري ١ : ٣٥٨ / ح ٤٢٠.
(٤) التسهيل لعلوم التنزيل ١ : ٤.