هذا عن مصحف الإمام علي فاقرأ ما يقوله الباقلاني عن بقية الصحابة : ولا يجوز أن يضاف إلى عبد الله بن مسعود أو إلى أبي بن كعب أو زيد أو عثمان أو علي أو واحد من ولده أو عترته جحدُ آية أو حرف من كتاب الله وتغييره أو قراءته على خلاف الوجه المرسوم في مصحف الجماعة بأخبار الآحاد ، إنّ ذلك لا يحلّ ولا يسمع بل لا تصلح إضافته إلى أدنى المؤمنين في عصرنا فضلاً عن إضافته إلى رجلٍ من الصحابة (١).
وبهذا فقد اتّضح لك أنّ ظاهرة وجود تفسير للصحابي بجنب آيات القرآن كان شائعاً في عصر الصحابة ، وأنّه ليس بدعاً من القول ، وأنّ عمل الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام لم يخرج من هذه الكلية ، بل كان له السهم الاوفر ، لكنّه عليهالسلام ميّز بين المجموعتين ، فجعل كل آية أُنزلت على محمدٍ صلىاللهعليهوآله بسمة القرآن النازل في مجموعة ، وما جاء في تفسيرها وتأويلها في مجموعة ثانية أخرى.
بعض مميزات مصحف الإمام علي عليهالسلام المفسَّر
وبهذا فقد عرفنا أنّ الإمام عليهالسلام قد بيّن في نسخته الثانية من المصحف ـ أي المفسَّر ـ مرادين :
النص والدلالة ، أي أنه جمع بين متن القرآن المنزل وتفسيره وتأويله ، وذلك حينما رأى إعراض الأمّة عنه وتوجّهم إلى من لم يعيّنهم الله تعالى أئمةً وخلفاء على الناس ، فأراد أن يؤرّخ للنّاس ما سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوآله في تلك الأحداث
__________________
(١) البرهان للزركشي ٢ : ١٢٧ ، عن القاضي الباقلاني.