فأنزل الله :
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة : ١١٥)
إن ظاهر الآية يبيح للمسلم أن يصلي إلى الجهة التي يختارها ، على اعتبار أن لله المشرق ، والمغرب ، وجميع الجهات ، إلا أن الوقوف على سبب نزول الآية ينفي هذا المعنى ، ويمنع هذه الإباحة ، ويقيد الصلاة إلى القبلة ، أي الكعبة ، والمحددة في الآية ١٤٤ من سورة البقرة ، حيث أن سبب النزول كان للرد على يهود عند ما تساءلوا عن سبب تحول المسلمين عن قبلة بيت المقدس إلى قبلة الكعبة.
أو أن سبب النزول كما يقول الواحدي في إسناده : «هو أن نفرا من المسلمين صلّوا مع النبي صلىاللهعليهوسلم في ليلة مظلمة ، فلم يدروا كيف القبلة ، فصلى كل رجل على حاله ، وتبعا لاجتهاده ، فلم يضيع الله لأحد منهم عمله ، وأثابه الرضا على صلاته حتى ولو لم يتجه إلى الكعبة ، لأنه لم يكن له إلى معرفة القبلة سبيل في ظلام الليل البهيم» (١).
ويعلن الإمام السيوطي أيضا : «فإنا لو تركنا مدلول اللفظ لاقتضى أن المصلين لا يجب عليهم استقبال القبلة ، سفرا ولا حضرا ، وهو خلاف الإجماع ، فلما عرف سبب نزولها ، علم أنها في نافلة السفر ، أو فيمن صلّى بالاجتهاد ، وبأن له الخطأ على مختلف الروايات».
٥ ـ غموض معنى الآية على عروة بن الزبير في قوله تعالى :
(إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة : ١٥٨)
أخرج الشيخان عن عائشة : «أن عروة بن الزبير قال لها : أرأيت قول الله : إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ، ومن تطوع خيرا فإن الله شاكرا عليم. فما
__________________
(١) الواحدي ، أسباب النزول ، ص : ٢٥.