فكانوا يعرفون لزومي له فيسألونني عن حديثه ، منهم : عمر ، وعثمان ، وعليّ ، وطلحة ، والزبير ، ولا والله لا يخفى عليّ كلّ حديث كان بالمدينة وكلّ من كانت له من رسول الله صلىاللهعليهوسلم منزلة ، ومن أخرجه من المدينة أن يساكنه ، قال : فو الله ما زال مروان بعد ذلك كافّا عنه. وأخرج ابن أبي خيثمة ، من طريق ابن إسحاق ، عن عمر أو عثمان بن عروة ، عن أبيه ، قال أبي : أدنني من هذا اليماني ـ يعني أبا هريرة ـ فإنه يكثر ، فأدنيته ، فجعل يحدث والزبير يقول : صدق ، كذب ، فقلت : ما هذا؟ قال : صدق أنه سمع هذا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولكن منها ما وضعه في غير موضعه.
وتقدم قول طلحة : قد سمعنا كما سمع ، ولكنه حفظ ونسينا.
وفي فوائد تمام ، من طريق أشعث بن سليم ، عن أبيه : سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة ، فسألته ، فقال : إن أبا هريرة سمع.
وأخرج أحمد في «الزّهد» بسند صحيح ، عن أبي عثمان النهدي ، قال : تضيّفت أبا هريرة سبعا ، فكان هو وامرأته وخادمه يقسّمون الليل أثلاثا ، يصلّي هذا ثم يوقظ هذا.
وأخرج ابن سعد بسند صحيح عن عكرمة ـ أن أبا هريرة كان يسبّح كلّ يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة ، يقول : أسبّح بقدر ذنبي.
وفي «الحلية» من تاريخ أبي العباس السّراج بسند صحيح ، عن مضارب بن حزن : كنت أسير من الليل ، فإذا رجل يكبّر فلحقته فقلت : ما هذا؟ قال : أكثر شكر الله عليّ إن كنت أجيرا لبسرة بنت غزوان لنفقة رحلي وطعام بطني ، فإذا ركبوا سبقت بهم ، وإذا نزلوا خدمتهم ، فزوّجنيها الله ، فأنا أركب ، وإذا نزلت خدمت.
وأخرجه ابن خزيمة من هذا الوجه وزاد : وكانت إذا أتت على مكان سهل نزلت ، فقالت لا أريم حتى تجعلي لي فيّ عصيدة ، فها أنا ذا أتيت على نحو من مكانها ، قلت : لا أريم حتى تجعل لي عصيدة.
وقال عبد الرّزّاق : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ـ أن عمر استعمل أبا هريرة على البحرين ، فقدم بعشرة آلاف ، فقال له عمر : استأثرت بهذه الأموال ، فمن أين لك؟ قال : خيل نتجت ، وأعطية تتابعت ، وخراج رقيق لي ، فنظر فوجدها كما قال ، ثم دعاه ليستعمله فأبى ، فقال : لقد طلب العمل من كان خيرا منك؟ قال : ومن؟ قال : يوسف. قال : إنّ يوسف نبي الله ، ابن نبي الله وأنا أبو هريرة بن أميمة ، وأخشى ثلاثا أن أقول بغير علم ، أو أقضي بغير حكم ، ويضرب ظهري ، ويشتم عرضي ، وينزع مالي.