وأخرج ابن أبي الدّنيا في كتاب «المزاح» والزّبير بن بكّار فيه ، من طريق ابن عجلان ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ـ أن رجلا قال له : إني أصبحت صائما ، فجئت أبي فوجدت عنده خبزا ولحما ، فأكلت حتى شبعت ، ونسيت أني صائم. فقال أبو هريرة : الله أطعمك. قال : فخرجت حتى أتيت فلانا فوجدت عنده لقحة تحلب فشربت من لبنها حتى رويت. قال : الله سقاك. قال : ثم رجعت إلى أهلي وثقلت فلما استيقظت دعوت بماء فشربته. فقال : يا ابن أخي ، أنت لم تعود الصيام.
وأخرج ابن أبي الدّنيا في «المحتضرين» بسند صحيح ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، قال : دخلت على أبي هريرة وهو شديد الوجع فاحتضنته ، فقلت : اللهمّ اشف أبا هريرة. فقال : اللهمّ لا ترجعها ـ قالها مرتين ، ثم قال : إن استطعت أن تموت فمت ، والله الّذي نفس أبي هريرة بيده ليأتينّ على الناس زمان يمرّ الرجل على قبر أخيه فيتمنى أنه صاحبه.
قلت : وقد جاء هذا الحديث مرفوعا عن أبي هريرة ، عن عمير بن هانئ ، قال : كان أبو هريرة يقول : تشبّثوا بصدغي معاوية ، اللهمّ لا تدركني سنة ستين.
وأخرج أحمد والنّسائيّ بسند صحيح ، عن عبد الرحمن بن مهران ، عن أبي هريرة ـ أنه قال حين حضره الموت : لا تضربوا عليّ فسطاطا ، ولا تتبعوني بمجمرة ، وأسرعوا بي.
وأخرج أبو القاسم بن الجرّاح في «أماليه» ، من طريق عثمان الغطفانيّ ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : إذا مت فلا تنوحوا عليّ ، ولا تتبعوني بمجمرة ، وأسرعوا بي.
وأخرج البغويّ ، من وجه آخر ، عن أبي هريرة ـ أنه لما حضرته الوفاة بكى ، فسئل ، فقال : من قلة الزاد وشدة المفازة.
وأخرج ابن أبي الدّنيا ، من طريق مالك ، عن سعيد المقبري ، قال : دخل مروان على أبي هريرة في شكواه الّذي مات فيها ، فقال : شفاك الله. فقال أبو هريرة : اللهمّ إني أحب لقاءك ، فأحبب لقائي ، فما بلغ مران ـ يعني وسط السوق ـ حتى مات.
وقال ابن سعد ، عن الواقديّ : حدثني ثابت بن قيس ، عن ثابت بن مسحل ، قال : صلى الوليد بن عقبة بن أبي سفيان على أبي هريرة بعد أن صلّى بالناس العصر ، وفي القوم ابن عمر ، وأبو سعيد الخدريّ ، قال : وكتب الوليد إلى معاوية يخبره بموته ، فكتب إليه : انظر من ترك فادفع إلى ورثته عشرة آلاف درهم ، وأحسن جوارهم ، فإنه كان ممن نصر