مسألة
ومن سأل عن قول الله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (١)؟ قيل له : المعنى فى ذلك أنه أراد بعض الجن والانس وهم العابدون لله منهم ؛ لأن الله تعالى قال فى موضع آخر (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) (٢) والقرآن لا يتناقض (٣) فوجب أن يكون الله تعالى خلق لجهنم كثيرا بالآية التى تلوناها ، وأنه خلق بعضهم للعبادة بقوله : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) والذين خلقهم لعبادته هم الذين أرادوا (٤) أن يعبدوه ، وعاقبتهم عبادته.
ومن سأل عن قول الله تعالى : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) (٥) فالمعنى أنى لم أفرض عليهم ذلك ولم آمرهم به ولكنهم كذبوا على وافتروا الكذب فى قولهم انى أمرتهم به. والدليل على جواز تكليف ما لا يطاق من القرآن : قوله تعالى للملائكة : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) (٦) يعنى أسماء الخلق ، وهم لا يعلمون ذلك ولا يقدرون عليه. وأيضا فقد أخبر أنهم (يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ) (٧) فاذا جاز
__________________
(١) س ٥١ الآية ٥٦.
(٢) س ٧ الآية ١٧٩.
(٣) ل : نقلها الناسخ : لايتنا.
(٤) فى الأصل وتبعه ل : أرادوه وقد صححها م : «أراد هو» وليس ببعيد.
(٥) س ٥ الآية ١٠٣.
(٦) س ٢ الآية ١٠٣.
(٧) قال تعالى فى السورة ٦٨ الآية ٤٢ (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ).