وأيضا هذه الدعوى عندى فاسدة. وذلك أن معنى (١) العالم عندى أن له علما ، ومن لم يعلم لزيد علما (٢) لم يعلمه عالما. فان قال قائل : فما أنكرتم من أن يدل الفعل الحكمى على أن للانسان علما هو غيره كما قلتم انه يدل على علم؟ قيل له : ليس اذا دل الفعل الحكمى على أن للانسان علما دل على أنه غيره ، كما ليس اذا دل على أنه عالم دل على أنه متغاير على وجه من الوجوه ، وأيضا فان معنى الغيرية (٣) جواز مفارقة أحد (٤) الشيئين للآخر على وجه من الوجوه فلما دلت الدلالة على قدم البارى تعالى وعلمه (٥) استحال أن يكونا (٦) غيرين. وأيضا فلو جاز لزاعم أن الفعل الحكمى (٧) (٨) يدل على أن العالم عالم ثم يعلم علمه بعد ذلك لجاز لزاعم أن يزعم أن الفعل الحكمى يدل على أن العلم علم ثم يعلم أنه لعالم بعد ذلك ، واذا لم يجز هذا
__________________
(١) ل : تركها الناسخ.
(٢) ل : كتبها الناسخ هكذا : لن يدع لما.
(٣) هذا تفسير اصطلاحى للغيرية لجأ إليه المؤلف لئلا يلزمه القول بتعدد القدماء المتغايرة اذا قال وجودية الصفات وتغايرها فى نفسها مع مغايرتها للذات وعلى خلافه معظم أصحابه وقد أنكر ورود هذا التعريف عن الأشعرى الامام محمد عبده (الحاشية ص ٩٩) مرجحا أنه من مبتدعات الأصحاب لتوجيه قوله فى الصفات «أنها لا هى ولا غيره» وقد علمت الآن قيمة هذا الادعاء.
(٤) ل : نقلها الناسخ : أجل.
(٥) معطوف على قول «البارى».
(٦) ل : نقلها الناسخ : يكون.
(٧) ب وتبعه ل : الحكم.
(٨) ل : نقلها الناسخ هكذا : هذا القائل.