(٦)
باب الكلام فى الاستطاعة
ان قال قائل : لم قلتم ان الانسان يستطيع باستطاعة هى غيره؟ قيل له : لأنه يكون تارة مستطيعا وتارة عاجزا ، كما (١) يكون تارة عالما وتارة غير عالم ، وتارة متحركا وتارة غير متحرك ، فوجب أن يكون مستطيعا (٢) بمعنى هو غيره ، كما وجب أن يكون عالما بمعنى هو غيره ، وكما وجب أن يكون متحركا بمعنى هو غيره ، لأنه لو كان مستطيعا بنفسه أو بمعنى يستحيل مفارقته له ، لم يوجد الا وهو مستطيع ؛ فلما وجد مرة مستطيعا ومرة غير مستطيع صح وثبت أن استطاعته غيره.
فان قال قائل : فاذا أثبتم استطاعة هى غيره فلم زعمتم أنه يستحيل تقدمها للفعل؟ قيل له ، زعمنا ذلك من قبل أن الفعل لا يخلو أن يكون حادثا مع الاستطاعة فى حال حدوثها أو بعدها ؛ فان كان حادثا معها فى حال حدوثها فقد صح أنها مع الفعل للفعل ؛ وان كان حادثا بعدها ـ وقد دلت الدلالة على أنها لا تبقى ـ وجب حدوث الفعل بقدرة معدومة ؛ ولو جاز ذلك لجاز أن يحدث العجز بعدها فيكون الفعل واقعا بقدرة معدومة (٣) ، ولو جاز أن يفعل فى حال
__________________
(١) ب : بما.
(٢) ب وتبعه ل : «متحركا».
(٣) كذلك فى الأصل ولعل الأولى كى يريد جديدا أن يقول مع وجود العجز.