(٢)
باب الكلام فى القرآن والإرادة
أن قال قائل : لم قلتم أن الله تعالى لم يزل متكلما وان كلام الله تعالى غير مخلوق؟ قيل له : قلنا ذلك (١) لأن الله تعالى قال : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٢) فلو كان القرآن مخلوقا لكان الله تعالى قائلا له : «كن» والقرآن قوله ، ويستحيل أن يكون قوله مقولا له (٣) ، لأن هذا يوجب قولا ثانيا ، القول فى القول الثانى وفى تعلقه بقول ثالث كالقول فى الأول وتعلقه بقول ثان وهذا يقتضي ما لا نهاية له من الأقوال وهذا فاسد. واذا فسد ذلك فسد أن يكون القرآن
__________________
(١) ولكن ما هو القديم فى القرآن ذرايه؟ الفاظه ومعانية أم المعانى والمدلولات فقط؟ يلزم الأشعرى الصمت فى الاجابة على هذا الترديد فيما هو معروف حتى اليوم من كتبه وأن كان الشهرستانى ينسب إليه القول بحدوث الألفاظ وقدم المعنى النفسى بينما ينسب إليه بعضهم القول بقدم اللفظ والمعنى معا (أنظر نهاية الاقدام ص ٣٢٠ وشرح العقائد العضدية ص ١٨٨).
(٢) س ١٦ الآية ٤٠
(٣) الضمير فى قوله : «له» يعود فى رأيى الى القول لا الى الله على معنى أنه يستحيل أن يكون القول مخلوقا بقول آخر وبذلك يتضح الدليل. ويصوره الأشعرى فى (الابانة ص ٢١ القاهرة سنة ١٣٤٨) هكذا : «ومما يدل من كتاب الله على أن كلامه غير مخلوق قوله عزوجل : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فلو كان القرآن مخلوقا لوجب أن يكون مقولا له (كُنْ فَيَكُونُ) ولو كان الله عزوجل قائلا للقول (كُنْ) كان للقول قول ، وهذا يوجب أحد أمرين. أما أن يؤول الأمر الى أن قول الله غير مخلوق ، أو يكون كل قول واقعا بقول لا الى غاية وذلك محال».
(٣ ـ كتاب اللمع)