وبينكم في دعواكم أني غير رسول وأن ما جئت به ليس وحيا من الله؟ ينكر صلىاللهعليهوسلم تحكيم غير ربه تعالى وعلى ما ذا يكون الحكم والله هو الذي أنزل إليهم الكتاب مفصلا فأي آية تغلب القرآن وهو آلاف الآيات هذا أولا وثانيا أهل الكتاب من قبلهم وهم علماء اليهود والنصارى مقرون ومعترفون بأن ما ينفيه المشركون هو حق لا مرية فيه إذا فامض أيها الرسول في طريق دعوتك ولا تكونن من الممترين فإنك عما قريب تظهر على المشركين ، لقد تمت كلمة (١) ربك أي في هذا القرآن الذي أوحي إليك صدقا في كل ما تحمله من أخبار ومن ذلك نصرك وهزيمة أعدائك ، وعدلا في أحكامها التي تحملها ، ولا يستطيع أحد تبديلها بتغيير (٢) لها بإخلاف وعد ولا بإبطال حكم ، وربك هو السميع لأقوال عباده العليم بمقاصدهم وأفعالهم فما أقدره وأضعفهم فلذا لن يكون إلا مراده ويبطل جميع إراداتهم. واعلم يا رسولنا أنك (إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي لو أنك تسمع لهم وتأخذ بآرائهم وتستجيب لاقتراحاتهم لأضلوك قطعا عن سبيل الله ، والعلة أن أكثرهم لا بصيرة له ولا علم حق لديه وكل ما يقولونه هو هوى نفس ، ووسواس شيطان. إنهم ما يتبعون إلا أقوال الظن وما هم فيما يقولون إلا خارصون (٣) كاذبون. وحسبك علم ربك بهم فإنه تعالى هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ حرمة وبطلان التحاكم إلى غير الوحي الإلهي.
٢ ـ تقرير صحة الدعوة الإسلامية بأمرين الأول : القرآن الكريم ، الثاني : شهادة أهل الكتاب ممن أسلموا كعبد الله بن سلام القرظي وأصحمة النجاشي وغيرهم.
٣ ـ ميزة القرآن الكريم : أن أخباره كلها صدق وأحكامه كلها عدل.
٤ ـ وعود الله تعالى لا تتخلف أبدا ، ولا تتبدل بتقديم ولا تأخير.
٥ ـ اتباع أكثر الناس يؤدي إلى الضلال فلذا لا يتبع إلا أهل العلم الراسخون فيه لقوله
__________________
(١) قرأ أهل الكوفة كلمة بالإفراد وقرأها الباقون بالجمع كلمات قال ابن عباس رضي الله عنه في كلمات ربك هي مواعيده تعالى.
(٢) كما لا يستطيع أحد تبديل كلماتها وحروفها في القرآن الكريم كما بدلت التوراه والإنجيل بتحريف الكلمات وتغييرها.
(٣) من هذا قيل لمن يقدر كمية التمر في النخل خراص لأنه يقول بدون علم يقيني ـ وإنما بالحدس والتخمين واجازه الشارع للضرورة إليه.