معروشات (١) أي محمول شجرها على العروش التي توضع للعنب ليرتفع فوقها وغير معروشات أي غير معرش لها ، وأنشأ النخل والزرع مختلفا ثمره وطعمه ، وأنشأ الزيتون والرمان متشابها في الورق ، وغير متشابه في الحب والطعم أيضا. وأذن تعالى في أكله وأباحه وهو مالكه وخالقه فقال : (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ) أي نضج بعض النضج وأمر بإخراج الواجب فيه وهو الزكاة فقال (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ (٢) حَصادِهِ) أي بعد درسه وتصفيته إذ لا يعطى السنبل ، ونهى عن الإسراف وهو تجاوز الحد في إخراج الزكاة غلوا حتى لا يبقوا لمن يعولون ما يكفيهم ، فقال : (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُ (٣) الْمُسْرِفِينَ) وأنشأ من الأنعام : الإبل والبقر والغنم (حَمُولَةً) وهي ما يحمل عليها لكبرها (وَفَرْشاً) وهي الصغار التي لا يحمل عليها ، وأذن مرة أخرى في الأكل مما رزقهم سبحانه وتعالى من الحبوب والثمار واللحوم وشرب الألبان ، فقال : (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) ونهى عن اتباع مسالك الشيطان في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم فقال : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) وعلل للنهي فقال : (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) ومن عرف عدوه اتقاه ولو بالبعد عنه ، وأنشأ (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ) وهما الكبش والنعجة ، (وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) وهما التيس والعنزة ، وأمر رسوله أن يحاج المفترين في التحريم والتحليل فقال له (قُلْ) يا رسولنا لهم (آلذَّكَرَيْنِ (٤) حَرَّمَ) الله عليكم (أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) أي النعجة والعنزة (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فإن قلتم حرم الذكرين فلازم ذلك جميع الذكور حرام ، وإن قلتم حرم الأنثيين فلازمه أن جميع الإناث حرام وإن قلتم حرم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين فكل ما ولد منهما حرام ذكرا كان أو أنثى فكيف إذا حرمتم البعض وحللتم البعض فبأي علم أخذتم نبوئوني به إن كنتم صادقين وقوله تعالى (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ) وهما الناقة والجمل ، (وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) وهما الثور والبقرة (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ (٥) حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ (٦)
__________________
(١) وقيل المعروشات : ما يعني به من الشجر على اختلافه ، وغير المعروشات وهو شجر البوادي والجبال وما في التفسير أولى لقوته ودلالة اللفظ عليه.
(٢) كان قبل فريضة الزكاة يتعين على من حصد أوجد ثمره وأتاه المساكين أن يعطيهم شيئا مما بين يديه قل أو كثر ولما فرضت الزكاة وحددت مقاديرها خصص هذا بها حيث بين الحق المجمل هنا.
(٣) في الآية دليل حرمة الإسراف وهو محرم في كل شيء وهو الخروج عن حد الإعتدال والقصد.
(٤) الاستفهام للإنكار أي ينكر عليهم أن يكون الله حرم ذلك.
(٥) إبطال لما حرموا من البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي.
(٦) إبطال لقولهم : ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا.