مغربها إيذانا بقرب ساعة الفناء في هذه الحال يخبر تعالى أن نفسا لم تكن آمنت قبل ظهور هذه الآية لو آمنت بعد ظهورها لا يقبل منها إيمانها ولا تنتفع به لأنه أصبح إيمانا اضطراريا لا اختياريا ، كما أن نفسا آمنت به قبل الآية ، ولكن لم تكسب في إيمانها خيرا وأرادت أن تكسب الخير فإن ذلك لا ينفعها فلا تثاب عليه ، لأن باب التوبة مفتوح إلى هذا اليوم وهو يوم (١) طلوع الشمس من مغربها فإنه يغلق
وقوله تعالى (قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) يأمر الله رسوله أن يقول لأولئك العادلين بربهم المصرين على الشرك والتكذيب : ما دمتم منتظرين انتظروا إنا منتظرون ساعة هلاككم فإنها آتية لا محالة.
هذا ما تضمنته الآية الأولى (١٥٨) أما الآيتان بعدها فإن الله تعالى أخبر رسوله بأن الذين فرقوا دينهم (٢) وكانوا شيعا أي طوائف وأحزابا وفرقا مختلفة كاليهود والنصارى ، ومن يبتدع من هذ الأمة بدعا فيتابع عليها فيصبحون فرقا وجماعات ومذاهب مختلفة متطاحنة متحاربة هؤلاء (لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) أي أنت برىء منهم ، وهم منك بريئون ، وإنما أمرهم إلى الله تعالى هو الذي يتولى جزاءهم فإنه سيجمعهم يوم القيامة ثم ينبئهم بما كانوا يعملون من الشر والخير (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ، وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها ، وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) من قبلنا فلا ننقص المحسن منهم حسنة من حسناته ، ولا نضيف إلى سيئآته سيئة ما عملها ، هذا حكم الله فيهم.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ إثبات صفة الإتيان في عرصات القيامة للرب تبارك وتعالى لفصل القضاء.
٢ ـ تقرير أشراط الساعة وإن طلوع الشمس منها وأنها متى ظهرت أغلق باب التوبة.
٣ ـ حرمة الفرقة في الدين وأن اليهود والنصارى فرقوا دينهم وأن أمة الإسلام أصابتها الفرقة كذلك بل وهي أكثر لحديث وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة.
__________________
(١) روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا رآها الناس آمن من عليها» فذلك حين (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ).
(٢) قرىء فارقوا دينهم أي تركوه وتخلوا عنه وقراءة الجمهور فرّقوا بالتضعيف حيث أصبح لكل فرقة اعتقاد وعمل خاص بها ومن فرّق فقد فارق أحب أم كره.