انحرافهم عن منهج الحياة ، كالمرء يهلك بشرب السم ، وبإلقاء نفسه من شاهق ، أو إشعال النار في جسمه كذلك ارتكاب أمهات الذنوب وأصول المفاسد التي ذكر تعالى في قوله (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ .....) من شأنها أن تودى بحياة مرتكبيها لا محالة ما لم يتوبوا منها وتصلح حالهم بالعودة إلى منهج الحياة الذي وضع الله في الإيمان والتوحيد والطاعة لله ورسوله بفعل كل أمر وترك كل نهي.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ الإنكار الشديد على من يحرم ما أحل الله من الطيبات كبعض المتنطعين. (١)
٢ ـ المستلذات من الطعام والشراب والمزينات من الثياب وغيرها المؤمنون أولى بها من غيرهم لأنهم يحسنون العمل ، ويبذلون الجهد لاستخراجها والانتفاع بها. بخلاف أهل الجهالات فإنهم عمي لا يبصرون ومقعدون لا يتحركون. وإن قيل العكس هو الصحيح فإن أمم الكفر وأوربا وأمريكا هي التي تقدمت صناعيا وتمتعت بما لم يتمتع به المؤمنون؟
فالجواب : أن المؤمنين صرفوا عن العلم والعمل وأقعدوا عن الإنتاج والاختراع بإفساد أعدائهم لهم عقولهم وعقائدهم ، فعوقوهم عن العمل مكرا بهم وخداعا لهم. والدليل أن المؤمنين لما كانوا كاملين في إيمانهم كانوا أرقى الأمم وأكملها حضارة وطهارة وقوة وإنتاجا مع أن الآية تقول (... لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) فإذا حل الجهل محل العلم فلا انتاج ولا اختراع ولا حضارة.
٢ ـ بيان أصول المفاسد وهي الفواحش وما ذكر بعدها إلى (.... وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ).
٣ ـ ذكرت هذه المفاسد بطريق التدلي آخرها أخطرها وهكذا أخفها أولها.
٤ ـ أجل (٢) الأمم كأجل الأفراد يتم الهلاك عند انتظام المرض كامل الأمة أو أكثر أفرادها كما يهلك الفرد عند ما يستشري المرض في كامل جسمه.
__________________
(١) روى النسائي بسند صحيح قوله صلىاللهعليهوسلم : (كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف فإن الله يحب أن يرى نعمته على عبده) وقال البخاري عن ابن عباس : كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان ، سرف ، ومخيلة.
(٢) الأجل : هو الوقت الموقت ، فأجل الموت هو : وقت الموت وأجل الدّين هو وقت حلوله وكل شيء وقت به شيء فهو أجل له.