معنى الآيات :
ما زال السياق في قصص هود عليهالسلام ، فهاهم أولاء يردّون على دعوة هود بقول الملأ منهم (أَجِئْتَنا (١) لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) وتهددنا إن نحن لم نترك عبادة آلهتنا ، (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) به من العذاب (٢) (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في دعواك فرد هود عليهالسلام على قولهم هذا قائلا قد وقع (٣) عليكم رجس (٤) أي سخط وغضب من الله تعالى وأن عذابكم لذلك أصبح متوقعا في كل يوم فانتظروا ما سيحلّ بكم (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) قال تعالى (فَأَنْجَيْناهُ (٥) وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) أي بعد إنزال العذاب ، ومن معه من المؤمنين برحمة منا خاصة لا تتم إلا لمثلهم ، (وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ، وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ) أهلكناهم بخارقة ريح تدمر كل شيء بأمر بها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ، وكذلك جزاء الظالمين.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ احتجاج المشركين على صحّة باطلهم بفعل آبائهم وأجدادهم يكاد يكون سنّة مطّردة في الأمم والشعوب ، وهو التقليد المذموم.
٢ ـ من حمق الكافرين استعجالهم بالعذاب ، ومطالبتهم به.
٣ ـ آلهة الوثنيين مجرّد أسماء لا حقائق لها إذ إطلاق المرء اسم إله على حجر لا يجعله إلها ينفع ويضر ، ويحيى ويميت.
٤ ـ قدرة الله تعالى ولطفه تتجلّى في إهلاك عاد وإنجاء هود والمؤمنين.
__________________
(١) الاستفهام هنا انكاري أنكروا على نبي الله هود دعوته إيّاهم إلى التوحيد وكان جوابهم هذا أقل جفوة من السابق الذي اتهموه فيه بالسفاهة والكذب.
(٢) ذكر العذاب في سورة الأحقاف إذ قال تعالى : (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
(٣) (قَدْ وَقَعَ) بمعنى : وجب ، يقال : وقع الحكم أو القول إذا وجب.
(٤) وفسّر الرجس بالعذاب أو الرّين على القلوب بزيادة الكفر.
(٥) روي أنّ هودا ومن معه من المؤمنين نزحوا إلى مكة وأقاموا بها بعد هلاك قومهم.