(عَفَا اللهُ عَنْها) : سكت عنها فلم يذكرها أو لم يؤاخذكم بها.
(سَأَلَها قَوْمٌ) : طلبها غيركم من الأمم السابقة.
(ما جَعَلَ اللهُ) : أي ما شرع.
(بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ) : البحيرة : الناقة تبحر أذنها أي تشق ، والسائبة : الناقة تسيّب.
(وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ) : الوصيلة : الناقة يكون أول إنتاجها أنثى ، والحام : الجمل يحمى ظهره للآلهة.
(ما أَنْزَلَ اللهُ) : من الحق والخير.
(ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) : من الباطل والضلال.
معنى الآيات :
لقد أكثر بعض الصحابة من سؤال رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى تضايق منهم فقام خطيبا فيهم وقال : «لا تسألوني اليوم عن شيء إلا بينته لكم» .. فقام رجل يدعى عبد الله بن حذافة كان إذا تلامى مع رجل دعاه إلى غير أبيه فقال من أبي يا رسول الله؟ فقال : أبوك حذافة ، وقال أبو هريرة : خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل أفي كل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا ولو قلت نعم ، لوجبت ، ولو وجبت لما استطعتم ، ثم قال : ذروني ما تركتكم» فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ (١) إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) أي تظهر لكم جوابا لسؤالكم يحصل لكم بها ما يسؤكم ويضركم ، (وَإِنْ (٢) تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ) أي يبينها رسولنا لكم. أما أن تسألوا عنها قبل نزول القرآن بها فذلك ما لا ينبغي لكم لأنه من باب إحفاء رسول الله وأذيته ثم قال تعالى لهم : (عَفَا اللهُ عَنْها) أي لم يؤاخذكم بما سألتم (وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) ، فتوبوا إليه يتب (٣) عليكم واستغفروه يغفر لكم ويرحمكم فإنه غفور رحيم. وقوله تعالى : (قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ) أي قد سأل أسئلتكم التنطعية
__________________
(١) ممنوع من الصرف لأنّه مشبه بحمراء. في الآية دليل على كراهة السؤال لغير حاجة وفي صحيح مسلم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله حرّم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات ، وكره لكم ثلاثا : قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال».
(٢) إن قيل : ما وجه أنه تعالى نهاهم عن السؤال ثم أذن لهم بقوله : (وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها ..) الخ؟ الجواب : إن تسألوا عن غيرها مما دعت الحاجة إليه ، ففي الكلام حذف مضاف كما قدّمناه فتأمله.
(٣) بعد انقطاع الوحي أمن الناس من نزول ما قد يسوء ومع هذا فإن سؤال التنطع والتعنت مكروه دائما وفي الحديث الصحيح : «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».