(نَحْنُ الْمُلْقِينَ) : لعصيّنا.
(سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) : حيث صار النظارة في الميدان يشاهدون عصي السحر وحبالهم يشاهدونها حيات وثعابين تملأ الساحة.
(وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) : أي أدخلوا الرهب والرعب في قلوب الناس من قوة أثر السحر في عيونهم.
معنى الآيات :
ما زال السياق في الحوار الدائر بين موسى عليهالسلام من جهة وبين فرعون وملئه من جهة أخرى ، فقد جاء في الآيات السابقة أن الملأ أشاروا على فرعون بأن يحبس موسى وأخاه هارون ويرسل شرطة في المدن يأتون بالخبراء في فن السحر لمناظرة موسى عسى أن يغلبوه ، وفعلا أرسل فرعون في مدنه حاشرين يجمعون خبراء السحر ، وها هم أولاء قد وصلوا قال تعالى (وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ) (١) وعرفوا أن الموقف جد صعب على فرعون فطالبوه بالأجر العظيم إن هم غلبوا موسى وأخاه فوافق فرعون على طلبهم ، وهو معنى قوله تعالى : (وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَ (٢) لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ؟ قالَ نَعَمْ) وزادهم أيضا أن يجعلهم من خواصه ورجال قصره فقال (وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) أي لدينا. وهنا تقدموا لموسى وكأنهم على ثقة في قوتهم السحرية وأن الجولة ستكون لهم ، تقدموا بإلقاء آلاتهم السحرية أو تقدم موسى عليهم فقالوا (يا مُوسى (٣) إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ ، وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ) أي الق عصاك أو نلقى نحن عصينا فقال لهم موسى (أَلْقُوا) (٤) فألقوا فعلا فسحروا أعين (٥) الناس وجاءوا بسحر عظيم كما أخبر تعالى الأمر الذي استرهب النظارة حتى إن موسى عليهالسلام أوجس في نفسه خيفة فنهاه ربه تعالى عن ذلك وأعلمه أنه الغالب بإذن الله تعالى جاء هذا الخبر في سورة طه.
__________________
(١) لقد ذكر القرطبي في عدد السحرة أخبارا مثلها لا يصح ، إذ جاء في بعضهم أنّ عددهم كان سبعين ألف ساحر ، والأقرب إلى أن يكونوا سبعين رجلا.
(٢) قرىء في السبع بهمزة الاستفهام أئن لنا لأجرا وقرىء بدونها (إِنَّ لَنا لَأَجْراً).
(٣) قال القرطبي : تأدّبوا مع موسى إذ استشاروه فيمن يبدأ بالإلقاء فنفعهم الله بأدبهم مع نبيّه فأسلموا وسعدوا برضوان الله تعالى.
(٤) في إذنه لهم بالإلقاء توفيق ربّاني عظيم إذ معناه أنه احتفظ بالضربة الأخيرة وصاحبها يغلب بإذن الله دائما.
(٥) أي : خيّلوا لهم وقلبوها عن صحة إدراكها بما يتخيل من التمويه الذي جرى مجرى الشعوذة وخفة اليد.