(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥))
شرح الكلمات :
(آمَنُوا) : صدقوا الله ورسوله واستجابوا لهما بفعل المأمور وترك المنهي.
(عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) (١) : ألزموا أنفسكم هدايتها وإصلاحها.
(إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) : إلى معرفة الحق ولزوم طريقه.
(إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) : ضلّالا ومهتدين.
(فَيُنَبِّئُكُمْ) : يخبركم بأعمالكم ويجازيكم بها.
معنى الآية الكريمة :
ينادي الله تعالى عباده المؤمنين فيقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي صدقوا بالله ورسوله ووعد الله ووعيده (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) (٢) ألزموها الهداية والطهارة بالإيمان والعمل الصالح وإبعادها عن الشرك والمعاصي ، (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) : أي أن ضلال غيركم غير ضار بكم إن كنتم مهتدين إذ لا تزر وازرة وزر أخرى ، كل نفس تجزى بما كسبت لا بما كسب غيرها ومن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها إلا أن من الاهتداء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن ترك المؤمنون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يعتبرون مهتدين إذ بالسكوت عن المنكر يكثر وينتشر ويؤدّي حتما إلى أن يضلّ المؤمنون فيفقدون هدايتهم ولذا قام أبو بكر الصديق رضى الله عنه خطيبا يوما فقال : (يا أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ (٣) آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ (٤) ..) الخ وإنكم تضعونها (٥) على غير
__________________
(١) وإن قيل في معنى احفظوا أنفسكم من الوقوع في المعاصي لكان وجيها لأنّ عليكم اسم فعل بمعنى احفظ كذا.
(٢) في الآية التحذير مما وقع فيه من تقدّم ذكرهم من التقليد الأعمى والابتداع المضر المهلك وهو وجه المناسبة بين هذه الآية وما سبقها من الآيات.
(٣) قيل هذه الآية هي الوحيدة التي جمعت بين الناسخ والمنسوخ ، فالناسخ فيها قوله : (إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) والمنسوخ هو (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) إذ من اهتدى لا يضره من ضل ولا تتم الهداية إلا بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(٤) أنفسكم منصوب على الإغراء الدال عليه اسم الفعل عليكم.
(٥) ورد بدل تضعونها ... إلخ : وتتأوّلونها على غير تأويلها.