تَسْتَفْتِحُوا) أي تطلبوا الفتح وهو القضاء بينكم وبين نبينا محمد (فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) وهي هزيمتهم في بدر (وَإِنْ تَنْتَهُوا) تكفوا عن الحرب والقتال وتنقادوا لحكم الله تعالى فتسلموا (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا) للحرب والكفر (نَعُدْ) فنسلط عليكم رسولنا والمؤمنين لنذيقكم على أيديهم الذل والهزيمة (وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ) وبلغ تعداد المقاتلين منكم عشرات الآلاف ، هذا وأن الله دوما مع المؤمنين فلن يتخلى عن تأييدهم ونصرتهم ما استقاموا على طاعة ربهم ظاهرا وباطنا.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ حرمة الفرار من العدو الكافر عند (١) اللقاء لما توعد الله تعالى عليه من الغضب والعذاب ولعد الرسول له من الموبقات السبع في حديث مسلم «والتولي يوم الزحف».
٢ ـ تقرير مبدأ أن الله تعالى خالق كل شيء وأنه خلق العبد وخلق فعله ، إذ لما كان العبد مخلوقا وقدرته مخلوقة ، ومأمورا ومنهيا ولا يصدر منه فعل ولا قول إلا بإقدار الله تعالى له كان الفاعل الحقيقي هو الله ، وما للعبد إلا الكسب بجوارحه (٢) وبذلك يجزى الخير بالخير والشر بمثله. عدل الله ورحمته.
٣ ـ آية وصول حثية التراب من كف الرسول صلىاللهعليهوسلم إلى أغلب عيون المشركين في المعركة.
٤ ـ إكرام الله تعالى وإبلاؤه لأولياءه البلاء الحسن فله الحمد وله المنة.
٥ ـ ولاية الله للمؤمنين الصادقين هى أسباب نصرهم وكمالهم وإسعادهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٢١) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ
__________________
(١) هذا التحريم مقيّد بما في آخر السورة من أنّ ما زاد على المثلين يجوز الفرار معه كالواحد مع أكثر من اثنين ، والمائة مع أكثر من مائتين ، وألفين مع أكثر من أربعة آلاف.
(٢) مع ما وهبه الله من حرية الإرادة والقدرة على الاختيار ومع هذا فإنه لا يريد إلا ما أراده الله ولا يقع اختياره إلا على ما كتبه الله له أو عليه وقضى به أزلا وهنا تتجلى عظمة الرب تبارك وتعالى.