(الصَّادِقِينَ) : جمع صادق : وهو من صدق ربه في عبادته وحده.
(وَرَضُوا عَنْهُ) : لأنه أثابهم بأعمالهم جنات تجري من تحتها الأنهار.
(عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) : أي على فعل أي شيء تعلقت به إرادته وأراد فعله فإنه يفعله ولا يعجزه بحال من الأحوال.
معنى الآيات :
يقول الله تعالى لرسوله محمد صلىاللهعليهوسلم واذكر لقومك (إِذْ قالَ اللهُ) (١) تعالى يوم يجمع الرسل ويسألهم ما ذا أجبتم ، ويسأل عيسى بمفرده توبيخا للنصارى على شركهم (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ) أي معبودين يقرره بذلك فينفي عيسى ذلك على الفور ويقول منزها ربه تعالى مقدسا (سُبْحانَكَ (٢) ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ) ، ويؤكد تفصيه مما وجه إليه توبيخا لقومه : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) يا ربي ، إنك (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي) فكيف بقولي وعملي ، وأنا (لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) إلا أن تعلمني شيئا ، لأنك (أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ما (قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ) أن أقوله لهم وهو (اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ، وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (٣) أي رقيبا (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي) برفعي إليك (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) ترقب أعمالهم وتحفظها لهم لتجزيهم بها. (وَأَنْتَ عَلى كلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) رقيب وحفيظ. (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ) أي من مات منهم على الشرك بأن تصليه نارك فأنت على ذلك قدير ، (وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ) أي لمن مات على التوحيد فتدخله جنتك فإنه لذلك أهل فإنك أنت العزيز الغالب على أمره الحكيم الذي يضع كل شيء في موضعه فلا ينعم من أشرك به ولا يعذب من أطاعه ووحده. فأجابه الرب تبارك وتعالى قائلا : (هذا يَوْمُ (٤) يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) : صدقوا الله تعالى في إيمانهم به فعبدوه وحده لا شريك له ولم يشركوا
__________________
(١) هذا مثل أتى أمر الله أتى بصيغة الماضي لتحقق الوقوع وكذلك هناك (إِذْ قالَ) فهو بمعنى يقول : اذكر إذ يقول الله يا عيسى .. الخ.
(٢) أخرج الترمذي وصححه عن أبي هريرة قال : «تلقى عيسى حجته ولقّاه الله في قوله : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) قال أبو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم فلقاه الله : (سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ) الآية.
(٣) شهيدا : أي رقيبا أراعي أحوالهم وأدعوهم إلى العمل بطاعتك وأنهاهم عن مخالفتك.
(٤) قال الله هذا يوم ينفع الصادقين ...» الخ كلام مستأنف ختم به الحديث عما يقع يوم يجمع الله الرسل فذكر ثواب الصادقين وهو الجنة ورضوان الله وهو الفوز العظيم.