والكفر والعصيان ، (وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أي أعرضتم عن الإيمان والطاعة (فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ) بحال من الأحوال فلن تفوتوه ولن تهربوا من سلطانه فإن الله تعالى لا يغلبه غالب ، ولا يفوته هارب ثم قال تعالى لرسوله (وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) أي أخبرهم به فإنه واقع بهم لا محالة إلا أن يتوبوا وقوله تعالى في الآية الرابعة (٤) (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ) من شروط المعاهدة (شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا) أي لم يعاونوا (عَلَيْكُمْ أَحَداً) لا برجال ولا بسلاح ولا حتى بمشورة ورأي فهؤلاء لم يبرأ الله تعالى منهم ولا رسوله ، وعليه (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ (١) إِلى مُدَّتِهِمْ) أي مدة أجلهم المحدد بزمن معين فوفوا لهم ولا تنقضوا لهم عهدا إلى أن ينقضوه هم بأنفسهم ، أو تنتهي مدتهم وحينئذ إما الإسلام وإما السيف إذ لم يبق مجال لبقاء الشرك في دار الإسلام وقبته.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ جواز عقد المعاهدات بين المسلمين والكافرين إذا كان ذلك لدفع ضرر محقق عن المسلمين ، أو جلب نفع للإسلام والمسلمين محققا كذلك.
٢ ـ تحريم الغدر والخيانة ، ولذا كان إلغاء المعاهدات علنيا وإمداد أصحابها بمدة ثلث سنة يفكرون في أمرهم ويطلبون الأصلح لهم.
٣ ـ وجوب الوفاء بالمعاهدات ذات الآجال إلى أجلها إلا أن ينقضها المعاهدون.
٤ ـ فضل التقوى وأهلها وهو اتقاء سخط الله بفعل المحبوب له تعالى وترك المكروه.
(فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)
__________________
(١) في الآية إشارة إلى أن هناك من خاس بعهده أي : نقضه ، ومنهم من ثبت عليه.