لأنه كافر بالله ولقاء الله تعالى. وقوله عزوجل (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ) أي وينتظر بكم أيها المسلمون الدوائر متى تنزل بكم فيتخلص منكم ومن الانفاق لكم والدوائر جمع دائرة المصيبة والنازلة من الأحداث وقوله تعالى (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) (١) هذه الجملة دعاء عليهم. جزاء ما يتربصون بالمؤمنين. وقوله (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي سميع لأقوالهم عليم بنياتهم فلذا دعا عليهم بما يستحقون. وقوله تعالى في الآية الثالثة (٩٩) (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (٢) وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) (٣) إخبار منه تعالى بأن الأعراب ليسوا سواء بل منهم من يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلذا هو يتخذ ما ينفق من نفقة في الجهاد قربات عند الله أي قربا يتقرب بها إلى الله تعالى ، ووسيلة للحصول على دعاء الرسول له ، لأن الرسول صلىاللهعليهوسلم كان إذا أتاه المؤمن بزكاته أو صدقته يدعو له بخير ، كقوله لعبد الله بن أبي أوفى : اللهم صل على آل أبي أوفى ، وقوله تعالى (أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ) إخبار منه تعالى بأنه تقبلها منهم وصارت قربة (٤) لهم عنده تعالى ، وقوله تعالى (سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ) بشرى لهم بدخول الجنة ، وقوله (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يؤكد وعد الله تعالى لهم بإدخالهم في رحمته التي هي الجنة فإنه يغفر ذنوبهم أولا ، ويدخلهم الجنة ثانيا هذه سنته تعالى في أوليائه ، يطهرهم ثم ينعم عليهم بجواره.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ بيان أن سكان البادية يحرمون من كثير من الآداب والمعارف فلذا سكن البادية غير محمود إلا إذا كان فرارا من الفتن.
٢ ـ من الأعراب المؤمن والكافر والبر والتقي والعاصي والفاجر كسكان المدن إلا أن كفار البادية ومنافقيها أشد كفرا ونفاقا لتأثير البيئة.
٣ ـ فضل النفقة في سبيل الله والإخلاص فيها لله تعالى.
__________________
(١) قرىء السّوء بالفتح والضم إلا قوله : (ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ) فإنه بالفتح لا غير ، إذ السوء بالضم : المكروه ، والسوء بالفتح : الفساد. امرؤ سوء : أي : فاسد.
(٢) قيل : هم بنو مقرّن من مزينة.
(٣) صلوات الرسول هي استغفاره ودعاؤه لهم بالخير والبركة.
(٤) أي : تقرّبهم من الله تعالى.