تعالى (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) (١) أي وهم في المجلس وقرئت على الجالسين وهم من بينهم. (نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) وقال في سرية ومخافته هيا نقوم من هذا المجلس الذي نعير فيه ونشتم (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) أي من أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم فإن كان الجواب : لا يرانا أحد انصرفوا متسللين لواذا قال تعالى في دعاء عليهم : (صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) (٢) أي عن الهدى (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) أي لا يفقهون أسرار الآيات وما تهدي إليه ، فعلتهم سوء فهمهم وعلة سوء فهمهم ظلمة قلوبهم وعلة تلك الظلمة الشك والشرك والنفاق والعياذ بالله تعالى.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير مبدأ زيادة الإيمان ونقصانه زيادته بالطاعة ونقصانه بالعصيان.
٢ ـ جواز الفرح بالإيمان وصالح الأعمال.
٣ ـ مريض القلب يزداد مرضا وصحيحه يزداد صحة سنة من سنن الله في العباد.
٤ ـ كشف أغوار المنافقين وفضيحتهم في آخر آية من سورة التوبة تتحدث عنهم.
٥ ـ يستحب أن لا يقال انصرفنا (٣) من الصلاة أو الدرس ولكن يقال انقضت الصلاة أو انقضى الدرس ونحو ذلك.
(لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٢٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٩))
__________________
(١) (ما) صلة لتقوية الكلام.
(٢) هذه الجملة خبرية أخبر تعالى أنه جزاهم على انصرافهم من مجلس الرسول صلىاللهعليهوسلم بصرف قلوبهم عن الهدى فهم لا يهتدون إذا أبدا وضمّن الخبر الدعاء عليهم ، وقد تحقق معناه وهو صرف قلوبهم.
(٣) لأنّ الله ذمّ المنافقين لانصرافهم ودعا عليهم بصرف قلوبهم وصرفها ولو قيل انقلبنا من الصلاة أو من الجنازة لكان خيرا لقوله تعالى : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) الآية من سورة آل عمران.