لَهُ الدِّينَ) أي الدعاء يا رب يا رب (١) نجنا ويعدونه قائلين (لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ) أي الهلكة (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) لك أي المطيعين المعترفين بنعمتك علينا الموحدين لك بترك الآلهة لعبادتك وحدك لا شريك لك. فلما أنجاهم من تلك الشدة يفاجئونك ببغيهم في الأرض بغير الحق شركا وكفرا وظلما وفسادا فعادوا لما كانوا وإنهم لكاذبون وقوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) يخبرهم تعالى بقوله يا أيها الناس الباغون في الأرض بغير الحق في أي زمان كنتم وفي أي مكان وجدتم إنما بغيكم (٢) أي عوائده عائدة على أنفسكم إذ هي التي تتأثم وتخبث في الدنيا وتفسد وتصبح أهلا لعذاب الله يوم القيامة وقوله (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي ذلك متاع (٣) الحياة الدنيا شقاء كان أو سعادة (ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ) أي لا إلى غيرنا وذلك بعد الموت يوم القيامة (فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) من خير وشر ونجزيكم به الجزاء العادل في دار الجزاء.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ من مكر مكر الله به والله أسرع مكرا وأكبر أثرا وضررا.
٢ ـ بيان ضعف الإنسان وفقره إلى الله وحاجته إليه عزوجل في حفظ حياته وبقائه إلى أجله.
٣ ـ إخلاص العبد الدعاء في حال الشدة آية أن التوحيد أصل والشرك طارىء.
٤ ـ المشركون الأولون أحسن حالا من جهلة هذه الأمة إذ يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة أما جهال المسلمين اليوم فشركهم دائم في الرخاء والشدة على السواء.
٥ ـ بغي الإنسان عائد على نفسه كمكره ونكثه وفي الحديث (ثلاث على أصحابها رواجع : البغي والمكر والنكث).
٦ ـ تقرير مبدأ البعث والجزاء يوم القيامة.
__________________
(١) روي أنهم قالوا في دعائهم هذا يا حي يا قيوم.
(٢) مصداقه من الحديث الشريف : (ما من ذنب أحق أن يعجّل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر الله لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم).
(٣) المتاع : ما يتمتع به انتفاعا غير دائم.