حتى جاءها النصر أخبر تعالى رسوله بقوله (وَكُلًّا) (١) (نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) أي ونقص عليك كل ما تحتاج إليه في تدعيم موقفك وقوة عزيمتك من أنباء الرسل أي من اخبارها مع أممها الشيء الذي نثبت به قلبك حتى تواصل دعوتك وتبلغ رسالتك. وقوله (وَجاءَكَ فِي هذِهِ) أي السورة الحق (٢) من الأخبار كما جاءك في غيرها (وَمَوْعِظَةٌ) لك (٣) تعظ بها غيرك ، (وَذِكْرى) يتذكر بها المؤمنون فيثبتون على الحق ويصبرون على الطاعة والبلاء فلا يجزعوا ولا يملوا ، وقوله (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) أي وقل يا رسولنا للذين لا يؤمنون من قومك ممن هم مصرون على التكذيب والشرك والعصيان اعملوا على حالكم وما أنتم متمكنون منه إنا عاملون على حالنا كذلك ،
وانتظروا أيّنا ينتصر في النهاية أو ينكسر. وقوله ولله غيب (٤) السموات والأرض فهو وحده يعلم متى يجيء النصر ومتى تحق الهزيمة. وإليه يرجع الأمر كله أمر الانتصار والانكسار كأمر الهداية والاضلال والإسعاد والاشقاء ، وعليه فاعبده يا رسولنا وحده وتوكل عليه (٥) وحده ، فإنه كافيك كل ما يهمك من الدنيا والآخرة ، وما ربك بغافل عما تعملون أيها الناس وسيجزي كلّا بما عمل من خير أو غير وهو على كل شيء قدير.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان فائدة القصص القرآني وهي أمور منها :
أ) تثبيت قلب النبي صلىاللهعليهوسلم ب) إيجاد مواعظ وعبر للمؤمنين.
ج) تقرير نبوة الرسول صلىاللهعليهوسلم.
٢ ـ علم الغيب لله وحده لا يعلمه غيره.
٣ ـ مرد الأمور كلها لله بدءا وعودا ونهاية.
__________________
(١) نصب (كُلًّا) بفعل نقص أي نقص عليك كلا والتنوين عوض عن كلمة محذوفة تقديرها كل ما تحتاج إليه من أنباء الرسل.
(٢) لاشتمالها على خمس قصص. قصة نوح وقصة هود وقصة صالح وقصة لوط وقصة شعيب ، مع الإشارة إلى قصتي ابراهيم وموسى عليهماالسلام.
(٣) الموعظة اسم مصدر الوعط وهي التذكير بما يصرف العبد عما يضره ويسيء إليه في سائر المحرمات فعلا وتركا.
(٤) أي له علمه وحده دون سواه أي غيره لا في السماء ولا في الأرض.
(٥) أي ثق فيه وفوض أمر نصرك إليه ولا تلتفت إلى غيره فإنه كافيك دون سواه.