كما هو تعالى غالب على كل أمر أراده فلا يحول بينه وبين مراده أحد وكيف وهو العزيز الحكيم. وقوله (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) إذ لو علموا لفوضوا أمرهم إليه وتوكلوا عليه ولم يحاولوا معصيته بالخروج عن طاعته. وفي هذا تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم على ما يجد من أقربائه من أذى إذ يوسف ناله الأذى من إخوته الذين هم أقرب الناس إليه بعد والديه. وقوله تعالى (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً (١) وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي ولما بلغ يوسف اكتمال قوته البدنية بتجاوز سن الصبا إلى سن الشباب وقوته العقلية بتجاوزه سن الشباب إلى سن الكهولة آتيناه حكما وعلما أي حكمة وهي الإصابة في الأمور وعلما وهو الفقه في الدين ، وكما آتينا يوسف الحكمة والعلم نجزي المحسنين (٢) طاعتنا بالصبر والصدق وحسن التوكل وفي هذا بشارة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بحسن العاقبة وأن الله تعالى سينصره على أعدائه ويمكن له منهم.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ جواز الفرح بما يسر (٣) والإعلان عنه.
٢ ـ جواز الاحتياط لأمر الدين والدنيا.
٣ ـ اطلاق لفظ الشراء على البيع.
٤ ـ نسخ التبنّي في الإسلام.
٥ ـ معرفة تعبير الرؤا كرامة لمن علّمه الله ذلك.
٦ ـ من غالب الله غلب.
٧ ـ بلوغ الأشد يبتدى بانتهاء الصبا والدخول في البلوغ.
٨ ـ حسن الجزاء مشروط بحسن القصد والعمل.
(وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها
__________________
(١) أي وليناه حكم مصر فصار الحاكم فيها وآتيناه النبوة والعقل والفهم والعلم بالدين.
(٢) هذا الجزاء عام في كل مؤمن أحسن فبقدر إحسان العبد يكون جزاء الرب له فالخطاب يتناول يوسف ومحمدا صلىاللهعليهوسلم ويتناول غيرهما لأن القرآن كتاب هداية فعمومه لا يخصص بالواحد والاثنين.
(٣) مأخوذ من قول الوارد. يا بشرى هذا غلام.