(وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ) : من أرض كنعان لما بلغهم أن ملك مصر يبيع الطعام.
(وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) : أي غير عارفين أنه أخوهم.
(وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) : أي أكرمهم وزودهم بما يحتاجون إليه في سفرهم بعد ما كال لهم ما ابتاعوه منه.
(بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ) : هو بنيامين لأنه لم يجىء معهم لأن والده لم يقدر على فراقه.
(سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ) : أي سنجتهد في طلبه منه.
(وَقالَ لِفِتْيانِهِ) : أي غلمانه وخدمه.
(بِضاعَتَهُمْ) : أي دراهمهم التي جاءوا يمتارون بها.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في الحديث عن قصة يوسف عليهالسلام وتتبع أحداثها ، إنه بعد أن ولي يوسف أمر الوزارة ومرت سنوات الخصب وجاءت سنوات الجدب فاحتاج أهل أرض كنعان الى الطعام كغيرهم فبعث يعقوب عليهالسلام بنيه يمتارون وكانوا عشرة رجال بعد أن علم أن ملك مصر يبيع الطعام ، قال تعالى مخبرا عن حالهم : (وَجاءَ إِخْوَةُ (١) يُوسُفَ) أي من أرض كنعان (فَدَخَلُوا عَلَيْهِ) أي على يوسف (فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) أي لم يعرفوه لتغيره بكبر السن وتغير أحواله (٢) وقوله تعالى : (وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) (٣) أي كال لهم وحمّل لكل واحد بعيره بعد أن أكرمهم غاية الإكرام (قالَ ائْتُونِي) (٤) (بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ) ولا شك أنه قد سألهم عن أحوالهم فأخبروه عن أبيهم وأولاده بالتفصيل فلذا قال لهم (ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ) وهو بنيامين ورغبهم في ذلك يقوله : (أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) أي خير المضيفين لمن نزل عليهم (فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ). بعد هذا الإلحاح عليهم أجابوه بما أخبر تعالى به عنهم بقوله : (قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ) أي سنبذل جهدنا في طلبه
__________________
(١) جاءوا إلى مصر لما أصابهم القحط ليميروا.
(٢) ولطول المدة إذ مضى عليهم يوم فارقوه أربعون سنة.
(٣) الجهاز بالفتح والكسر : ما يحتاج إليه المسافر والمراد به : الطعام الذي امتاروه من عنده.
(٤) سبب طلب يوسف أخاهم أنه كان معهم أحد عشر بعيرا وهم عشرة وقالوا ليوسف : إنّ لنا أخا تخلف عنا ، وبعيره معنا ، فسألهم لم تخلّف؟ فقالوا : لحب أبيه إيّاه وذكروا له القصة وما جرى فيها ، وهنا قال لهم : إن رجعتم للميرة مرّة أخرى فأتوني بأخ لكم من أبيكم ، ورغّبهم في ذلك وحذّرهم من أن يأتوا بدونه فإنه لا يبيعهم الطعام الذي هو حاجتهم.