وعضوا على مثل جمر الغضا (١) ، واذكروا الله كثيرا فذكره أكبر لو كنتم تعلمون.
ثم قال : وتبنى مدينة يقال لها الزوراء ، بين دجلة ودجيل والفرات ، فلو رأيتموها مشيّدة بالجص والآجر ، مزخرفة بالذهب والفضة ، واللازورد المستسقى والمرمر والرخام وأبواب العاج والآبنوس ، والخيم والقباب والستارات ، وقد عليت بالساج والعرعر والصنوبر (٢) والشب ، وشيدت بالقصور ، وتوالت عليها بني الشيصبان (٣) أربعة وعشرون ملكا على عدد سني الملك (٤) ، فيهم السفاح والمقلاص والجموع والخدوع والمظفر والمؤنث والنظار والكبش والمهتور والعيار والصلعم والمستسغب والعلام والرهبان والخليع والسيار والمترف والكديد والأكتب والمسرف والكلب والوشمي والصلام والغسوق (٥) ، وتعمل القبة الغبراء ذات الفلاة الحمراء ، وفي عقبتها قائم الحق يسفر عن وجهه بين أجنحته الأقاليم كالقمر (٦) المضيء بين الكواكب الدرية ، ألا وان لخروجه علامات عشرة أولها : طلوع الكوكب ذي الذنب ، ويقارب من الجاري ، ويقع فيه هرج ومرج وشغب ، وتلك علامات الخصب ، ومن علامة إلى علامة عجب ، فإذا انقضت العلامات العشرة إذ ذاك يظهر منا القمر الأزهر وتمت كلمة الاخلاص لله على التوحيد».
فقال له رجل يقال له عامر بن كثير : يا أمير المؤمنين لقد أخبرتنا عن أئمة الكفر وخلفاء الباطل فاخبرنا عن أئمة الحق وألسنة الصدق بعدك ، قال : «نعم لعهد عهده إلي رسول الله صلىاللهعليهوآله ان هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماما تسعة من صلب الحسين وقد قال النبي صلىاللهعليهوآله : لما عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فإذا مكتوب فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته بعلي ، ورأيت اثني عشر نورا فقلت : يا رب انوار من هذه؟ فنوديت يا محمد هذه أنوار الأئمة من ذريتك فقلت :
__________________
(١) عضن عضا : أمسكنه باسنانه. الغضا : شجر من الاثل خشبه من أصلب الخشب وجمره يبقى زمنا طويلا لا ينطفي.
(٢) الساج : شجر عظيم صلب الخشب (معرب كاج). والعرعر : شجر يشبه السرو ينبت في الجبال. والصنوبر : شجر رفيع الورق دائم الخضرة.
(٣) في الانصاف : ملوك بني الشيبان ، وفي البحار : ملوك بني الشيصبان.
(٤) في كفاية الاثر : على عدد سني الملك الكديد ، وفي البحار : على عدد سني الكديد.
(٥) في الانصاف : والمهتور والعثار والمضطلم والمستصعب والعلام والرهبان والخليع والسيار والمترف والكديد والأكتب والمثرب والاكلب والوثيم والظلام والعينوق.
(٦) في الانصاف : يسفر عن وجهه بين الاقاليم كالقمر. وأسفر الصبح : أي أضاء.