قال : فتنفس ابن عباس فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «علي مع الحق والحق مع علي(١) وهو الإمام والخليفة بعدي ، فمن تمسك به فاز ونجا ، ومن تخلف عنه ضل وغوى ، يلي تكفيني وغسلي ، ويقضي ديني ، وأبو سبطي الحسن والحسين ، ومن صلب الحسين تخرج الأئمة التسعة ، ومنا(٢) مهدي هذه الأمة». فقال له عبد الله ابن سلمة الحضرمي : يا بن عم رسول الله فهلا كنت تعرفنا قبل؟ فقال : والله قد اديت ما سمعت ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين ، ثم قال : اتقوا الله عباد الله تقية من اعتبر تمهيدا ، وبقي في وجل (٣) وكمش في مهل (٤) ، ورغب في طلب ، وهرب في هرب. فاعملوا لآخرتكم قبل حلول آجالكم ، وتمسّكوا بالعروة الوثقى من عترة نبيكم ، فاني سمعته يقول : «من تمسك بعترتي من بعدي كان من الفائزين».
ثم بكى بكاء شديدا فقال له القوم : أتبكي ومكانك من رسول الله صلىاللهعليهوآله مكانك؟ فقال لي : يا عطاء إنما أبكي لخصلتين : هول المطلع وفراق الأحبة ؛ ثم تفرق القوم فقال : يا عطاء خذ بيدي واحملني إلى صحن الدار ، فأخذنا بيده أنا وسعيد وحملناه إلى صحن الدار ثم رفع يديه إلى السماء وقال : اللهم إني أتقرب إليك بمحمد وآل محمد ، اللهم إني أتقرب إليك بولاية الشيخ علي بن أبي طالب. فما زال يكررها حتى وقع على الأرض فصبرنا عليه ساعة (٥) ثم أقمناه فإذا هو ميت رحمة الله عليه (٦).
السادس والستون : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال : أخبرنا محمد بن محمد (٧) الهمداني قال : حدّثنا محمد بن هشام قال : حدّثنا علي بن الحسن السائح قال: سمعت الحسن بن علي العسكري يقول : حدثني أبي عن أبيه ، عن جده عليهمالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي بن أبي طالب : يا علي لا يحبك إلا من طابت ولادته ، ولا يبغضك إلا من خبثت ولادته، ولا يواليك إلا مؤمن ولا يعاديك إلا كافر» ، فقام إليه عبد الله بن مسعود فقال : يا رسول الله قد عرفنا علامة خبث الولادة والكافر في حياتك ببغض علي وعداوته ، فما علامة خبث الولادة والكافر بعدك إذا أظهر الإسلام بلسانه وأخفى مكنون سريرته؟ فقال عليهالسلام : «يا بن
__________________
(١) في كفاية الاثر : والحق معه.
(٢) في المخطوطة : ومنها.
(٣) في كفاية الاثر : واتقى في وجل. والوجل : الخوف.
(٤) أي أسرع في الخير.
(٥) في المخطوطة : فمر بنا عليه ساعة.
(٦) رواه الخزاز في كفاية الاثر ص ٣ ـ ٤ ، والمجلسي في البحار ٣٦ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨.
(٧) في كمال الدين : أحمد بن محمد.