تعالى ، وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام. قال : وأهل مكة يتحدثون بذلك في أفواه السكك ، وتتحدث المخدرات في خدورهن. قال : فلما كان بعد ثلاثة أيام انفتح الباب من الموضع الذي كانت دخلت فيه فخرجت فاطمة وعليّ على يديها.
ثم قالت : معاشر الناس إن الله عزوجل اختارني من خلقه وفضلني على المختارات ممن مضى قبلي ، وقد اختار الله آسية بنت مزاحم فإنها عبدت الله سرا في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطرارا ، وإن مريم بنت عمران هزت الجذع (١) اليابس من النخلة في فلاة من الأرض حتى تساقط عليها رطبا جنيا ، وإنّ الله تعالى اختارني وفضلني عليهما وعلى كل من مضى قبلي من نساء العالمين لأني ولدت في بيته العتيق وبقيت فيه ثلاثة أيام آكل من ثمار الجنة وأرزاقها (٢) ، فلما أردت أن أخرج وولدي على يدي هتف بي هاتف وقال : يا فاطمة سمّيه عليا فأنا العلي الأعلى وإني خلقته من قدرتي وعز جلالي (٣) وقسط عدلي ، واشتققت اسمه من اسمي وأدبته بأدبي (٤) وهو أول من يؤذن فوق بيتي ويكسر الأصنام ويرميها على وجهها ويعظّمني ويمجدني ويهلّلني ، وهو الإمام بعد حبيبي ونبيي وخيرتي من خلقي محمد رسولي ووصيه ، فطوبى لمن أحبه ونصره والويل لمن عصاه وخذله وجحد حقّه.
قال : فلما رآه أبو طالب سرّ (٥) وقال علي عليهالسلام : «السلام عليك يا أبه ورحمة الله وبركاته».
ثم قال : دخل (٦) رسول الله صلىاللهعليهوآله فلمّا دخل اهتز له أمير المؤمنين عليهالسلام وضحك في وجهه وقال: «السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته».
قال : ثم تنحنح (٧) بإذن الله تعالى وقال : «بسم الله الرّحمن الرحيم (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) (٨). ـ إلى آخر الآية ـ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قد أفلحوا بك ، وقرأ تمام الآية إلى قوله (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٩) فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «أنت والله أميرهم تميرهم (١٠) من علومك فيمتارون ، وأنت والله دليلهم ، وبك يهتدون».
__________________
(١) في الأمالي : (ومريم بنت عمران حيث هانت ويسرت عليها ولادة عيسى فهزت الجذع اليابس).
وفي البحار : (وان مريم بنت عمران اختارها الله حيث يسر عليها ولادة عيسى فهزت الجذع).
(٢) وفي الأمالي : وأوراقها.
(٣) في الأمالي : وعزتي وجلالي.
(٤) في الأمالي والبحار : (وفوضت إليه أمري ، ووقفته على غامض علمي وولد في بيتي ، وهو أول من يؤذن ..).
(٥) في الأمالي : سره.
(٦) في الأمالي : قال : ثم دخل.
(٧) في المخطوطة : تجنح.
(٨) المؤمنون : ٢ ـ ٣.
(٩) المؤمنون : ١١ ـ ١٢.
(١٠) مير ميرا : أتاهم بالطعام والمئونة.