١٤٨ ـ (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا ...) أي أن المشركين بالله سبحانه وتعالى سيتعلّلون بالأعذار الواهية ويقولون لو أراد الله ما كنّا مشركين به نحن ولا آباؤنا ، ولكننا فعلنا ذلك بمشيئته لا باختيارنا. فقد علّلوا مشيئته بقول المجبّرة (كَذلِكَ) أي كما كذّبوا شهادة الحجج العقلية والنقلية ـ السمعيّة ـ وقالوا بمقالة الجبرية (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وافتروا على الله تعالى مثل افترائهم هذا ، وأنكروا براهين الرّسل والأنبياء عليهمالسلام. فقد قلّد المتأخّرون المتقدّمين بمقالتهم الكفريّة وصرّحوا بأنهم على دين آبائهم وأنهم على آثارهم مقتدون (حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا) أي عذابنا وشعروا بقوّتنا (قُلْ) يا محمد : (هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ) أي حجة معلومة يصحّ الاحتجاج بها على ما زعمتم (فَتُخْرِجُوهُ لَنا) أي تبدوه لنا (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) أي : إنكم تسيرون بحسب المزاعم والأوهام وهذه لا تغني من الحقّ شيئا (وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) أي تكذبون عليه تعالى.
١٤٩ ـ (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ...) أي له وحده سبحانه البيّنة التي تبلغ قطع عذر المحجوج المعاند ، والقوّة على إثبات المدّعى ، والبرهان القاطع الذي لا ردّ عليه (فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) أي لو أراد إرادة إلجاء إلى الإيمان وإجبار عليه لتمكّن من ذلك بمجرّد المشيئة ، ولكن يصير إيمانكم إيمانا جبريّا ، والله تعالى لا يحب الإيمان الجبريّ إذ لا يحسن الثواب عليه. وفي الأمالي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنه سئل عن قول الله عزوجل : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) ، فقال : انه تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت عالما؟ فإن قال : نعم ، قال له : أفلا عملت بما عملت؟ وإن كان جاهلا قال له : أفلا تعلّمت حتى تعمل؟ فيخصمه ، فتلك الحجة البالغة.
* * *
(قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ