وأكدوا تصديقهم به ، وأقرّوا بأن الأمر صار عندهم بغاية الوضوح (قالَ) الله تبارك وتعالى لهم : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) أي بسبب كفركم وعنادكم وضلالكم ذوقوا العذاب الذي وعدنا به العاصين.
٣١ ـ (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ ...) أي أنّ الذين كذّبوا بالبعث والحساب والثواب والعقاب خسروا بعدم اعتقادهم بذلك (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ) يعني حين مجيء الموعد وقيام الساعة يرون عاقبة تكذيبهم ، لأنها تأتيهم (بَغْتَةً) فجأة ومن غير ترقّب وعلى غير انتظار. وعندها يصف سبحانه حكاية حالهم (قالُوا : يا حَسْرَتَنا) فنادوا بالحسرة والندم الذي لا ينفع لأنهم اعترفوا بقولهم يا ندمنا (عَلى ما فَرَّطْنا) أي قصّرنا (فِيها) يعني في الحياة الدنيا. ووجه التقصير منهم اعترافهم بالتفريط وإضمارهم العصيان. وقد روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله في هذه الآية ، قوله : يرى أهل النار منازلهم في الجنّة «لو أطاعوا» فيقولون : يا حسرتنا على ما فرّطنا (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ) والأوزار : جمع وزر ، وأحد معانيه الإثم ، وهو المراد هنا. وقد اعتيد حمل الأثقال على الظهور. والإثم ثقل معنوي ، ولذا عبّر عزوجل بقوله : (يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ). وللآثام ثقل أيّ ثقل على الظهور في الآخرة يحسّه المذنبون والعياذ بالله ويتجسد لهم كأنه ثقل مادي!. (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) ألا : للتنبيه والاستفتاح ، والله سبحانه يقول : أنبّهكم إلى سوء وقبح ما يحملونه من الذنوب العظيمة التي سيحسون بثقلها حين الحساب.
* * *
(وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٣٢) قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ