حين يرونها كأنك بهم قد تأكدوا صدق قولك ـ يا محمد ـ (فَقالُوا : يا لَيْتَنا نُرَدُّ) أي نرجع إلى دار الدنيا لنعمل على إصلاح ما فات منّا. ويكون هذا التمنّي منهم حين رؤية العذاب واليأس من رحمة الله فيقولون : يا ليتنا نرجع لنؤمن (وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي المصدّقين بالنبيّ صلىاللهعليهوآله من دون ريب وتكذيب. وقد مضى تفسير هذا الذيل فيما سبق.
٢٨ ـ (بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ...). بدا : ظهر وبان. يعني أنهم يوم القيامة يظهر لهم واضحا جميع ما أخفوه وستروه من كفرهم وزندقتهم وعملهم للقبائح والمعاصي لأن ذلك كله مسجّل عليهم ، ولأن أيديهم وأرجلهم وجلودهم تشهد عليهم بل جميع جوارحهم تفعل ذلك ، ولكنهم معاندون على كل حال (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) أي لو أرجعناهم إلى الحياة الدنيا لرجعوا إلى المعاصي فإنهم ضالّون كافرون بأوامر الله تعالى (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) فيما يقولون من الوعد بالإيمان لو أعيدوا إلى دار الدنيا :
٢٩ ـ (وَقالُوا : إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا ...) هذه الشريفة معطوفة على جملة : عادوا ، فإنهم لو أعيدوا لعادوا إلى سالف قولهم وسابق عملهم ولقالوا أيضا : (وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) ولنفوا البعث والحساب في يوم القيامة مرة أخرى.
٣٠ ـ (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ ...) أي أيقنوا بوجوده ووقفوا على صدق ما جاء عن ذاته المقدسة ، ومثلوا بين يدي عظمته ، ورأوا جزاء العمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر. فليتك تراهم في ذلك الموقف الذليل وتطّلع على حقيقة حالهم في تلك الساعة الشديدة حيث يقف الجناة العصاة بين يدي المولى المقتدر الذي (قالَ) سبحانه وتعالى لهم : (أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ؟) أي البعث ، والحساب ، والجزاء. يقول ذلك توبيخا لهم وتقريعا (قالُوا بَلى) فأجابوا : نعم (وَرَبِّنا) فحلفوا يمينا