برحمته ورأفته. فالمؤمنون توجل قلوبهم وتضطرب نفوسهم إذا ذكروا معاصيهم (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) أي إذا قرئت عليهم آيات القرآن زادتهم بصيرة ومعرفة ويقينا فيزداد تصديقهم (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) أي يفوّضون إليه أمورهم فيما يخافون وفيما يرجون.
٣ ـ (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) : قد مرّ تفسيرها في أول سورة البقرة. وقد خص الصلاة والزكاة بالذكر لعظم أمرهما وليحث الناس على فعلهما والاستدامة عليه.
٤ ـ (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ...) يعني أن المؤمنين الّذين تكون صفتهم بحسب ما ذكر في الآيتين السابقتين ، هم المؤمنون حقّا وحقيقة. وقد نصبت لفظة : حقّا ، بما دلّت عليه الجملة : أولئك هم المؤمنون. والمعنى : أحق ذلك حقّا (لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) هي الدرجات التي في الجنة يرتقون إليها بأعمالهم ، ويستحقونها بما فعلوه من خير في أيام حياتهم. فلهم تلك الدرجات (وَ) لهم (مَغْفِرَةٌ) لذنوبهم (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) كبير دائم لا ينفد ولا يعتريه كدر ولا يخشى نقصانه.
ويظهر من هذه الآيات أن المنافق لا تدخل قلبه خشية الله عند ذكره ، وأن هذه الأوصاف لا تكون إلّا عند المؤمن المصدّق.
* * *
(كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥) يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦))
٥ ـ (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ ...) الكاف في قوله : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ) ، يتعلق بما دلّ عليه قوله : (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) ، لأن معنى ذلك نزعها من أيديهم بالحق كما أخرجك ربّك من بيتك بالحق.