فالأنفال ثابتة لله ورسوله حقّا ، مثلما أخرجك ربّك من بيتك. فيا محمد قل لأصحابك : إن الأنفال لله ورسوله قد نزعها عنكم مع كراهتكم لذلك فإن ذلك أصلح لكم ، كما أن خروجكم للقتال كان أصلح لكم. فهذا خير لكم كما كان ذاك أيضا خيرا لكم. وجاء في حديث أبي حمزة الثمالي أن معناه : فالله ناصرك كما أخرجك من بيتك. وقوله : (بِالْحَقِ) أي بواسطة الوحي ، وذلك إن جبرائيل عليهالسلام أتاه وأمره بالخروج. فخرج ومعه الحق في قتال المشركين والمعاندين وفي إعلان الجهاد (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي طائفة منهم (لَكارِهُونَ) غير راغبين في ذلك الخروج للمشقة التي يتحمّلونها ، وهم (يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) أي يناقشونك فيما ندبتهم إليه بعد ما علموا صحته وعرفوا صدقك. ومجادلتهم كانت تتجلّى في قولهم : هلّا أخبرتنا بذلك القتال لنستعدّ له ، وهم يعلمون أنك لا تأمرهم عن الله إلا بما هو حق ، ومجادلتهم كانت وسيلة للحصول على رخصة لهم بالتخلّف عنه أو في تأخير الخروج إلى مناسبة أخرى ، فهم (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) أي كأن هؤلاء المجادلين الذين لم يكونوا مستعدين للجهاد ، كانوا بمنزلة من يساق إلى الموت وهو يراه بعينيه وينظر إلى أسبابه وقرب حلوله.
* * *
(وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (٧) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨))
٧ ـ (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ ...) أي اذكروا إذ يعدكم الله أن العير أو النفير تكون لكم. وصاحب العير كان أبو سفيان بن