فلذة ، فانتبهت فزعة وأخبرت أخاها العباس بذلك فأخبر به عتبة بن ربيعة فقال عتبة : هذه مصيبة تحدث في قريش. وانتشر خبر الرؤية فبلغت أبا جهل فقال : هذه نبيّة ثانية في بني عبد المطلب. واللات والعزّى لننظرنّ ثلاثة أيام فإن كان ما رأت حقّا وإلا لنكتبنّ كتابا بيننا أنه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالا ونساء من بني هاشم.
فلما كان اليوم الثالث أتاهم ضمضم ينادي بأعلى صوته : يا آل غالب اللطيمة اللطيمة العير العير أي أدركوا الطّيب والعطور والعير ـ أدركوا وما أراكم تدركون. إن محمدا والصّباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرّضون لعيركم. فتهيأوا للخروج ولم يبق أحد من عتاة قريش إلّا أخرج مالا لتجهيز الجيش ، وقالوا : من لم يخرج نهدم داره ، ثم أخرجوا معهم القيان يضربون على الدفوف.
أما رسول الله صلىاللهعليهوآله فخرج في ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا وسار ، إلى أن كان بقرب بدر أخذ عينا كان يتجسّس لقريش فأخبره بهم. ثم بعث (ص) عينا له على عير قريش اسمه عدي ، فلما قدم عليه أخبره أين فارق العير. ثم نزل جبرائيل عليهالسلام فأخبر النبيّ صلىاللهعليهوآله بنفير المشركين من مكة ، فاستشار أصحابه في طلب العير وحرب النفير ، فقام ابو بكر فقال : يا رسول الله إنها قريش وخيلاؤها ، ما آمنت منذ كفرت ، ولا ذلّت منذ عزّت ، ولم تخرج على هيئة الحرب. ثم قال : فنحن والقوم على ماء بدر يوم كذا وكذا كأنّا فرسا رهان. ثم قام عمر فقال مثل ذلك ، ثم قام المقداد فقال : يا رسول الله ، إنها قريش وخيلاؤها ، وقد آمنّا بك وصدّقنا وشهدنا أنّ ما جئت به حق. والله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا وشوك الهراس لخضناه معك. والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى (ع) : اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون. ولكنّا نقول : امض لأمر ربّك فإنّا معك مقاتلون. فجزاه النبيّ (ص) على قوله خيرا وقال : أشيروا عليّ أيها الناس ـ يريد الأنصار لأنه في ذمّتهم وعليهم نصره ـ فقام سعد بن معاذ فقال : بأبي أنت وأمي يا