رسول الله ، كأنك أردتنا؟ فقال : نعم. قال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، قد آمنّا بك وصدّقناك ، وشهدنا أن ما جئت به حق من عند الله ، فمرنا بما شئت ، وخذ من أموالنا ما شئت ، واترك منها ما شئت. والله لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضناه معك ، ولعلّ الله عزوجل أن يريك منّا ما تقرّ به عينك. فسر بنا على بركة الله.
فقال رسول الله (ص) : سيروا على بركة الله فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين ، ولن يخلف الله وعده. والله لكأني أنظر إلى مصرع أبي جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وفلان وفلان ، ثم أمر بالرحيل إلى بئر بدر.
وأقبلت قريش فأرسلت عبيدها ليستقوا من الماء فأخذهم أصحاب رسول الله (ص) وقالوا لهم : من أنتم؟ قالوا : نحن عبيد قريش. قالوا : فأين العير؟ قالوا : لا علم لنا بالعير. فأقبلوا يضربونهم في حين كان النبيّ (ص) يصلي ، فانفتل من صلاته وقال : إن صدقوكم ضربتموهم وإن كذبوكم تركتموهم؟ فأتوه بهم فقال لهم : من أنتم؟ قالوا : يا محمد نحن عبيد قريش. قال : كم القوم؟ قالوا : لا علم لنا بعددهم. قال : كم ينحرون في كل يوم من جزور؟ قالوا : تسعة إلى عشرة. فقال رسول الله (ص) : القوم تسعمئة إلى ألف رجل. ثم أمر بهم فحبسوا. وبلغ ذلك قريشا فخافوا وندموا على مسيرهم. ولقي عتبة بن ربيعة أبا البختري بن هشام فقال : أما ترى هذا البغي ، والله ما أبصر موضع قدمي. خرجنا لنمنع عيرنا وقد أفلتت ، فجئنا بغيا وعدوانا. والله ما أفلح قوم بغوا قط. ولوددت أن ما في العير من أموال عبد مناف ذهبت ولم نسر هذا المسير. فقال له أبو البختري : إنك سيد من سادات قريش ، فسر في الناس وتحمّل العير التي أصابها محمد وأصحابه ، وتحمّل دم ابن الحضرمي فإنه حليفك. فقال له : عليّ ذلك وما على أحد منّا خلاف إلّا ابن الحنظلية ـ يعني أبا جهل ـ فصر إليه وأعلمه أني حملت العير ودم ابن الحضرمي وعليّ عقله. قال : فقصدت خباءه وأبلغته ذلك فقال : إن