للهدى والإذعان للحق لجعلهم يسمعون ويعون جواب كل ما يسألون عنه ، ولكنهم ليسوا كذلك (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) أي لو فعل ذلك لأعرضوا عن القول. وفي هذه الآية دلالة على أن الله لطيف بجميع المكلّفين ، وأنه لا يمنع لطفه إلا من يعلم أنه لا ينتفع به ولا يسمعه.
* * *
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٥))
٢٤ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ...) أي أجيبوهما فيما يأمران به ، وإجابتهما هي طاعتهما فيما يدعوان إليه من اتّباع الحق. فأجيبوا الله ، وأجيبوا الرسول (إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) أي إذا ندبكم لما فيه حياتكم وسعادتكم. وقيل في ذلك أقوال : أحدها : إذا دعاكم إلى الجهاد والشهادة التي فيها إحياؤكم الدائم عند الله جلّ وعلا ، أو إلى إحياء أمركم وإعزاز دينكم بجهاد عدوّكم والقضاء عليه. وثانيها : إذا دعاكم إلى الإيمان الذي تحيا به قلوبكم ، وإلى الحق. وثالثها : إذا دعاكم للقرآن والعلم بالدّين لأن الجهل موت والعلم حياة. ورابعها : إذا دعاكم إلى الجنة التي فيها حياة النعيم الدائم ، وفي كل ذلك حياة لكم فأجيبوه إليه (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) أي يحجز بين الإنسان وبين الانتفاع بقلبه بالموت فلا يقدر على استدراك ما فاته من الطاعات ، فعليه أن يبادر إلى العمل الصالح قبل أن يحول الموت بينه