وبين ذلك. وقيل : معناه أن الله سبحانه أقرب إليه من قلبه قد يصرفه عن بعض ميوله بقدرته ، وذلك كقوله : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) ، فإن من يحول بين الإنسان وبين شيء آخر يكون أقرب للإنسان من ذلك الشيء. فالله سبحانه وتعالى يقلّب القلوب كيف يشاء ، ويغيّرها من حالة إلى حالة. وفي المجمع أن أبا عبد الله الصادق عليهالسلام قال : إنه يحول بين المرء وقلبه معناه : لا يستيقن القلب أن الحقّ باطل أبدا ، ولا يستيقن القلب أن الباطل حقّ أبدا. وعنه (ع) أيضا كما في العياشي : معنى يحول بينه وبين أن يعلم أن الباطل حقّ. والحاصل أن القلب لا يستطيع أن يكتم الله شيئا لأنه أقرب إليه من ذلك الشيء (وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أي تجمعون إليه للثواب على أعمالكم وللعقاب على مساوئكم.
٢٥ ـ (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ...) أي احذروا من بلاء قد يصيبكم جميعا حين يصيب الذين ظلموا أنفسهم ولا يختصّ بالظالمين دون غيرهم إذا حلّ ووقع. وتحذيره سبحانه يعني أن لا تقربوا فتنة فتصيبكم كما تصيب غيركم. وقيل في الفتنة هنا أنها العذاب وأن الله أمر المؤمنين أن يتجنّبوا المنكر لئلا يعمّهم العذاب. وقيل هي الضلال والاختلاف الذي يدخل ضرره على كل أحد. وقرئ : لتصيبنّ الذين ظلموا خاصة ، أي أنها تختص بالظالم ، وفي هذا نهي عن الظلم ومنع له ، والمعنى : فاتقوا فتنة يصيب بلاؤها الظّلمة ، أي لا تظلموا فيصيبكم العذاب (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) عقابه قويّ ثقيل على من لم يتجنّب المعاصي. وفي حديث أبي أيوب الأنصاري أن النّبيّ صلىاللهعليهوآله قال لعمّار : يا عمار إنه سيكون بعدي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم ، وحتى يقتل بعضهم بعضا وحتى يبرأ بعضهم من بعض. فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني ، علي بن أبي طالب (ع) فإن سلك الناس كلهم واديا وسلك عليّ واديا فاسلك وادي عليّ وخلّ عن الناس. يا عمار إن عليّا لا يردّك عن هدى ولا يدلّك على