تفيدهم في الدنيا ولا في الآخرة بل هي وبال يجلب لهم الندم والتحسر (ثُمَّ يُغْلَبُونَ) في الحرب وينتصر عليهم النبيّ (ص) والمؤمنون معه. وهكذا كان فقد غلبوا يوم بدر وغيره وظهر أن الآية من أعلام النبوّة (وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) أي يجمعون فيها. وقد كرر لفظ الذين كفروا ، لأن بعضهم أسلم بعد الإنفاق الذي ذكره عزوجل.
٣٧ ـ (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ...) أي أنه يفعل عزّ اسمه ذلك ليميز نفقة المؤمنين من نفقة الكافرين (وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ) من نفقاتهم التي تحدّث عنها (فَيَرْكُمَهُ) أي يجمعه ويكدّسه بعضه فوق بعض (جَمِيعاً) كلّه في الآخرة (فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ) فيعاقبهم به ، وذلك مصداق قوله عزوجل : (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ) إلخ ... (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) لأنهم فعلوا ما جلب لهم الخسران إذ أنفقوا المال في معصية الله فنالوا العذاب.
٣٨ ـ (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ...) ثم دعاهم سبحانه إلى التوبة عن فعلهم فقال : قل يا محمد لهؤلاء الكافرين : إن يتوبوا عمّا يفعلونه من الشّرك وعن محاربتك ويعودوا إلى الموادعة ، نغفر لهم ما مضى من ذنوبهم التي يستحقون العقاب عليها (وَإِنْ يَعُودُوا) إلى حربك وقتالك (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) أي فقد سبق ما قضى الله سبحانه به من نصر المؤمنين على الكافرين كما شاهدتم في الأمم السابقة التي عاندت رسل الله حيث نصر الله رسله عليها ، حتى صار نصره لرسله سنّة مقضيّة.
٣٩ ـ (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ...) الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوآله وللمؤمنين ، وهو أمر بمقاتلة الكافرين حتى لا يبقى شرك ولا كافر بغير عهد ، ولكيلا يفتن مؤمن عن دينه (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) أي ليجتمع أهل الإيمان وأهل الكفر على الدين الحق ، ويكون الدين كلّه لله باجتماع الناس عليه. وعن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام أنه قال : لم يجيء تأويل هذه الآية ، ولو قام قائمنا بعد سيرى من يدركه ما يكون من