تأويل هذه الآية ، وليبلغنّ دين محمد صلىاللهعليهوآله ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض كما قال الله تعالى : (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) (فَإِنِ انْتَهَوْا) عمّا هم فيه وعن الكفر (فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) وسيجازيهم بأعمالهم مجازاة البصير بها ، لا يخفى عليه شيء من ذلك.
٤٠ ـ (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ ...) أي إذا انصرفوا ومالوا عن طاعة الله ، فاعلموا أيها المؤمنون به وبرسوله أن الله هو سيّدكم وناصركم ووليّكم ، و (نِعْمَ الْمَوْلى) هو (وَنِعْمَ النَّصِيرُ) لأنه ينصر المؤمنين على أعدائهم ويعينهم على طاعته. ولا يخفى على ذوي الدّربة أن : وإن تولّوا شرط ، وأن : فاعلموا أن الله هو مولاكم ، أمر في موضع الجواب. وإنما جاز ذلك لأن فيه معنى الخبر ، كأنه قال : فواجب عليكم العلم أن الله مولاكم.
٤١ ـ (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ...) أي واعرفوا جيدا أيها المسلمون أنه مهما كسبتم من أموال أهل الحرب من الكفار مما جعله الله تعالى هبة لكم ، ومما قلّ أو كثر (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) قيل في فتح همزة أنّ قولان : أحدهما التقدير : فعلى أن لله خمسه ، والثاني : أنه عطف على أن الأولى ، وحذف خبر الأولى لدلالة الكلام عليه ، أي فاعلموا أن لله خمسه. والخمس يفرز جزءا منه من خمسة أجزاء ويقسّم حسب نصّ الآية الشريفة ، وقد ذهب أصحابنا إلى تقسيمه على ستة أسهم : سهم لله ، وسهم للرسول ، وسهم لذوي القربى من آل محمد ، فتصير ثلاثة أسهم خاصة بالإمام القائم مقام رسول الله (ص) وسهم ليتامى آل محمد (ص) وسهم لمساكينهم ، وسهم لأبناء سبيلهم ، لا يشاركهم فيها أحد ، لأن الله سبحانه حرّم عليهم الصدقات لكونها أوساخ الناس وعوّضهم بذلك الخمس. وقد روي ذلك عن الإمامين : عليّ بن الحسين زين العابدين ، ومحمد بن عليّ الباقر عليهماالسلام. وروى غيرنا مثل ذلك التقسيم إلا أنهم قالوا : سهم الله للكعبة