وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧))
٤٥ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا ...) في هذه الشريفة أمر الله عزّ وعلا المؤمنين بالثبات في الحرب عند لقاء الفئة : أي الجماعة المحاربة من الكفار ، وبأن لا ينهزموا أمامهم. ولا يخفى أنه اكتفى بلفظ : فئة ، دون أن يصفها ، لأن من المعلوم أن المؤمنين لا يقاتلون إلّا فئة كافرة ، فأمرهم بالثبات أمامها وقال : (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً) لتستعينوا به على حربهم. فاذكروه متوقعين للنصر عليهم يأتيكم من عنده فإن بذكره تقوى قلوبكم وتشتدّ سواعدكم. وقيل : اذكروا وعد الله بالنصر في الدنيا والثواب في الآخرة على معنى حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مكانه ، فافعلوا ذلك (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) لكي تنجحوا وتفوزوا بالظفر بهم وبالثواب على الجهاد.
٤٦ ـ (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا ...) أي : وأطيعوهما فيما يأمران به من الحق والخير ، ولا تتنازعوا وتختلفوا في لقاء أعدائكم فتجنبوا عن قتالهم وتضعفوا أمامهم. وكلمة : فتفشلوا ، منصوبة بإضمار أن ، على معنى جواب النهي ، ولذلك عطف عليها : وتذهب (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) أي تذهب قوّتكم وشوكتكم ودولتكم. والريح هنا كناية عن نفاذ الأمر وجريانه على حسب الرغبة والمراد. والريح لغة : الدولة ، فقد قال عبيد بن الأبرص :
كما حميناك يوم النّعف من شطب |
|
والفضل للقوم من ريح ومن عدد |
أي : من عزة ودولة ، والعرب تقول : هبّت ريح فلان : إذا جرى أمره