لا يَتَّقُونَ (٥٦) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧) وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (٥٨))
٥٥ ـ (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) بيّن سبحانه أن شرّ من يدبّ على الأرض ويتحرك على رجلين أو أكثر ، هم الذين كفروا به وبرسله وبآياته ، وهم شرّ جميع المخلوقات في معلومه وفي حكمه (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) لا يصدّقون به ولا برسله وكتبه. والفاء في : فهم ، تعطف جملة على جملة ، والتقدير : كفروا مصمّمين على الكفر فهم لا يؤمنون. وأجيز عطف جملة اسميّة على جملة فعليّة لما فيها من التأدية إلى معنى الحال ، لأنهم بشغفهم في الكفر وإصرارهم عليه أدّى إلى الحال في أنهم لا يؤمنون.
٥٦ ـ (الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ ...) أي من جملة الكفار هؤلاء الذين عاهدتهم ـ و : من ، مزيدة ـ وهم يهود بني قريظة كما عن مجاهد ، فقد عاهدهم النبيّ صلىاللهعليهوآله أن لا يمالئوا عليه عدوّا ، ثم خانوا العهد وأعانوا الأحزاب يوم الخندق بالسلاح ،! وكانوا ينقضون عهدهم (كُلِّ مَرَّةٍ) أي كلّما عاهدتهم لأنه (ص) كرّر معهم عقد العهد وكرّروا الخيانة لأنهم خونة مكرة (وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) لا يتجنّبون نقض العهود ولا يخافون عذاب الله تبارك وتعالى. وجملة : ثم ينقضون ، عطف المستقبل على الماضي أيضا لأن المراد أن شأنهم نقض العهد مرة بعد أخرى في مستقبل أوقاتهم بعد العهد إليهم.
٥٧ ـ (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ ...) الثّقف : الظّفر والإدراك بسرعة. أي إذا ظفرت بهم وانتصرت عليهم فشرّد بهم أي : فرّق وشتّت بما توقعه بهم (مَنْ خَلْفَهُمْ) من يمشي على خطاهم بنقض عهودك ، ونكّل بهم تنكيلا يخيف من يأتي بعدهم لعقد عهد معك. وهذا حكم